للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - إِفْسَادٌ مَعْنَوِيٌّ: وَذَلِكَ بِالمَعَاصِي، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البَقَرَة: ١١].

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البَقَرَة: ١١]. فِيهِ بَيَانُ أُمُورٍ:

١ - أَنَّ التَّحَاكُمَ إِلَى غَيرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ هُوَ مِنَ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ.

٢ - أَنَّهُ مِنْ عَمِلِ المُنَافِقِينَ.

٣ - التَّنْبِيهُ عَلَى عَدَمِ الاغْتِرَارِ بِأَقْوَالِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ -وَإِنْ زَخْرَفُوهَا بِالدَّعَاوَى- كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى عَنِ المُنَافِقِينَ: ﴿وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ [المُنَافِقُون: ٤] (١).

٤ - التَّحْذيرُ مِنَ الاغْتِرَارِ بِالرَّأْي مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى صِحَّتِهِ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ (٢).

٥ - فِيهِ بَيَانُ أَنَّ المُنَافِقَ لَا يَثِقُ بِحُكْمِ الشَّرِيعَةِ؛ لِذَلكَ أَرَادَ مَا هُوَ أَحْسنُ مِنْهَا فِي ظَنِّهِ (٣)!

- قَولُهُ: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أَي: لَا حُكْمَ أَحْسَنُ مِنْ حُكْمِهِ


(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثير فِي التَّفْسِيرِ (٨/ ١٢٦): "أَي: كَانُوا أَشْكَالًا حَسَنَةً وَذَوِي فَصَاحَةٍ وَأَلْسِنَةٍ؛ إِذَا سَمِعَهُمُ السَّامِعُ يُصْغِي إِلَى قَولِهِمْ لِبَلَاغَتِهِمْ".
(٢) قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنِ عيَّاشٍ -مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، (ت ١٩٤ هـ) - فِي الآيَةِ: "إنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ -وَهُم فَسَادٌ- فَأَصْلَحَهُم اللهُ بِمُحَمَّدٍ ؛ فَمَنْ دَعَا إِلَى خِلَافِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ؛ فهوَ مِنَ المُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ". تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٨٦٠١).
(٣) وَفِي البُخَارِيِّ (٦٨٨٢) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: ((أبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللهِ ثلَاثةٌ؛ مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإسْلَامِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبٌ دَمَ امْرِئٍ بَغيرِ حَقَ لِيُهْرِيقَ دَمَهُ)).

<<  <  ج: ص:  >  >>