تَعَالَى لِلمُوقِنِينَ، وكُلَّمَا زَادَ إِيمَانُ العَبْدِ وَيَقِينُهُ زَادَ حُسْنُ حُكْمِ الشَّرْعِ عِنْدَهُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ مِنْ آثَارِ الإِيمَانِ بِالأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَعْرِفَةِ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ.
- قَولُهُ: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ﴾ هُوَ من بَابِ اسْتِعْمَالِ أَفْعُلِ التَّفْضِيلِ فِيمَا لَيسَ لَهُ فِي الطَّرَفِ الآخَرِ مُشَارِكٌ.
- فِي النُّصُوصِ السَّابِقَةِ بَيَانُ وُجُوبِ تَحْكِيمِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فِي الأُمُورِ كَافَّةٍ، وَإِنَّ مَنَاهِجَ الجَمَاعَاتِ الدَّعَوِيَّةِ هِيَ مِنْ هَذَا البَابِ أَيضًا؛ فَيَجِبُ أَنْ نُحَكِّمَ فِيهَا كِتَابَ اللهِ وُسنَّةَ رَسُولِهِ ﷺ، فَمَا كَانَ مِنْهَا مُتَمَشِّيًا مَعَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ مَنْهَجٌ صَحِيحٌ يَجِبُ السَّيرُ عَلَيهِ، وَمَا كَانَ مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ؛ فَيَجِبُ أَنْ نَرْفُضَهُ وَأَنْ نَبْتَعِدَ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّعَصُّبُ لِجَمَاعَةٍ أَو لِحِزْبٍ أَو لِمَنْهَجٍ دَعَوِيٍّ عَلَى حِسَابِ تَجَاوُزِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَالَّذِي يَقْصُرُ هَذَا التَّحَاكُمَ عَلَى المَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَطْ! فَهُوَ مُخْطِئٌ، لِأَنَّ المُرَادَ التَّحَاكُمُ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ وَجَمِيعِ المُنَازَعَاتِ وَالخُصُومَاتِ وَالحُقُوقِ المَالِيَّةِ وَغَيرِهَا، وَحَتَّى فِي أَقْوَالِ المُجْتَهِدِينَ وَالفُقَهَاءِ وَالمَنَاهِجِ الدَّعَوِيَّةِ وَالمَنَاهِجِ الجَمَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشُّورَى: ١٠] وَ ﴿شَيءٍ﴾ نَكِرةُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ تَعُمُّ كُلَّ نِزَاعٍ وكُلَّ خِلَافٍ (١).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ -فِي آيَةِ البَابِ-: "وَالآيَةُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنَّهَا ذَامَّةٌ لِمَنْ عَدَلَ عَنِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَتَحَاكَمُوا إِلَى مَا سِوَاهُمَا مِنَ البَاطِلِ! وَهُوَ المُرَادُ
(١) يُنْظَرُ: (إِعَانَةُ المُسْتَفِيدِ) لِلْفَوزَان (٢/ ١١٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute