للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِلَيهِ مَتَابِ﴾ أَي: وَإِلَيهِ مَرْجِعِي وَأَوبَتِي (١).

وَالتَّوبَةُ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا للهِ هِيَ تَوبَةُ العِبَادَةِ -كَمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ-، وَأَمَّا التَّوبَةُ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ؛ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ وَلِغَيرِهِ، وَمِنْهُ قَولُ عَائِشَةَ حِينَ جَاءَ النَّبِيُّ فَوَجَدَ نُمْرُقَةً (وِسَادَةً) فِيهَا صُوَرٌ؛ فَوَقَفَ بِالبَابِ وَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَتْ: (أَتُوبُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (٢) (٣).

- قَولُ عَليٍّ : (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ)، أَي: بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفُوهُ وَتَبْلُغُهُ عُقُولُهُم حَتَّى لَا يُفْتَنُوا بِهِ، كَمَا فِي الأَثَرِ الآخَرِ: (مَا أَنْتَ مُحَدِّثٌ قَومًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُم إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِم فِتْنَةً) (٤)، وَقَدْ بَوَّبَ البُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَلَى أَثَرِ عَلِيٍّ فِي كِتَابِ العِلْمِ بِقَولِهِ: "بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَومًا دُونَ قَومٍ كَرَاهِيَةَ أَلَّا يَفْهَمُوا".


=
عِنْدَهُ شُبَهٌ، فَيَجِبُ أَنْ تُزَالَ الشُّبَهُ عَنْهُ، فَإِذَا أُزِيلَتِ الشُّبَهُ عَنْهُ وَأَصَرَّ عَلَى الإِنْكَارِ فَلَهُ حُكْمٌ آخَر، غَيرَ أًنَّنَا نَقُولُ: إنَّ فِعْلَكَ أَو قَولَكَ هَذَا كُفْرٌ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الحَقُّ وأَقَرَّ بِهِ يَكُونُ كَافِرًا، نَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ". مُسْتَفَادٌ مِنْ شَرْحِ الشَّيخِ الغُنَيمَانِ حَفِظَهُ اللهُ عَلَى كِتَابِ (فَتْحُ المَجِيدِ)، شَرِيطُ رَقَم (١٠٣)، شَرْحُ البَابِ.
(١) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١٦/ ٤٤٥).
(٢) وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ فِي البُخَارِيِّ (٥٩٥٧) عَنْ عَائِشَةَ؛ أُمِّ المُؤْمِنِينَ : أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَتُوبُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ؛ مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟)) قُلْتُ: اشْتَرَيتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : ((إِنَّ أَصْحَابِ هَذِهِ الصُّوَرِ يَومَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ؛ فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ)). وَقَالَ: ((إِنَّ البيتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ)).
(٣) أَي: أَرْجِعُ إِلَى مَا يُرِيدُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيضًا حِينَ يَضْرِبُ الوَالِدُ ابْنَهُ لِسُوءِ أَدَبِهِ؛ فَيَقُولُ الابْنُ: أَتُوبُ.
(٤) مُسْلِمٌ (١/ ١١) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوقُوفًا، بَابُ النَّهْي عَنِ الحَدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>