للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - المُتَشَابِهُ النِّسْبِيُّ: وَهَذَا يَخْفَى عَلى أَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ، وَهَذِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قِرَاءَةِ الوَصْلِ عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، فَيَكُونُ هَذَا المُتَشَابِهُ مَعْلُومًا أَيضًا لِلرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ دُونَ عُمُومِ النَّاسِ، كَمَا فِي التَّفَاسِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: (أَنَا مِنَ الرَّاسِخينَ فِي العِلْمِ الَّذِي يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ) (١).

- قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين فِي التَّفْسِيرِ (٢): "وَ (الرَّحْمَن) أَي: ذُو الرَّحْمَةِ الوَاسِعَةِ؛ ولِهَذَا جَاءَتْ عَلَى وَزْنِ (فَعْلَانَ) الَّذِي يَدُلُّ عَلَى السَّعَةِ، وَ (الرَّحِيم) أَي المُوصِلُ الرَّحْمَةِ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ؛ ولِهَذَا جَاءَتْ عَلَى وَزْنِ (فَعِيلٍ) الدَّالِّ عَلَى وُقوعِ الفِعْلِ.

فَهُنَا رَحْمَةٌ هِيَ صِفَتُهُ؛ هَذِهِ دَلَّ عَلَيهَا اسْمُ (الرَّحْمَنِ)، وَرَحْمَةٌ هِيَ فِعْلُهُ، أَي: إِيصَالَ الرَّحْمَةِ إِلَى المَرْحُومِ؛ دَلَّ عَلَيهَا اسْمُ (الرَّحِيمِ) " (٣).


(١) تَفْسِيرُ البَغَوِيِّ (٢/ ١٠).
وَاسْتَدَلَ لِصِحَّةِ هَذَا المَعْنَى بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ حَيثُ قَالُوا: إنَّ اللهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي آخِرِ الآيَاتِ: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ أَصْحَابَ الأَلبَابِ هُمُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَعَانِيهَا دُونَ سَائِر النَّاسِ.
(٢) تَفْسِيرُ الفَاتِحَةِ وَالبَقَرَةِ (١/ ٥).
(٣) قَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي كِتَابِهِ مَدَارِجُ السَّالِكِينَ (١/ ٥٦): "فَالرَّحْمَنُ: الَّذِي الرَّحْمَةُ وَصْفُهُ، وَالرَّحِيمُ:
=

<<  <  ج: ص:  >  >>