للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِهِ ، وَكُلُّهَا صِفَاتُ نَقْصٍ فِي حقِّهِ كَالمَوتِ، وَالنَّومِ، وَالجَهْلِ، وَالنِّسْيَانِ، وَالعَجْزِ، وَالتَّعَبِ.

فَيَجِبُ نَفْيُهَا عَنِ اللهِ تَعَالَى مَعَ إِثْبَاتِ ضِدِّهَا عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا نَفَاهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ فَالمُرَادُ بِهِ بَيَانُ انْتِفَائِهِ لِثُبُوتِ كَمَالِ ضِدِّهِ؛ لَا لِمُجَرَّدِ نَفْيهِ! لِأَنَّ النَّفْيَ لَيسَ بِكَمَالٍ؛ إِلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ مَا يَدُلُّ عَلَى الكَمَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّفْيَ عَدَمٌ؛ وَالعَدَمُ لَيسَ بشَيءٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كَمَالًا.

مِثَالُ ذَلِكَ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفُرْقَان: ٥٨]، فَنَفْيُ المَوتِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ حَيَاتِهِ.

مِثَالٌ ثَانٍ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكَهْف: ٤٩]، فَنَفْيُ الظُلْمِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ عَدْلِهِ.

مِثَالٌ ثَالِثٌ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [فَاطِر: ٤٤]، فَنَفْيُ العَجْزِ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾، لِأَنَّ العَجْزَ سَببُهُ إِمَّا الجَهْلُ بِأَسْبَابِ الإِيجَادِ، وَإِمَّا قُصُورُ القُدْرَةِ عَنْهُنَّ، فَلِكَمَالِ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِيُعْجِزَهُ شَيءٌ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ (١).

٤ - الصِّفَاتُ الثُّبُوتِيَّةُ صِفَاتُ مَدْحٍ وَكَمَالٍ، فَكُلَّمَا كَثُرَتْ وَتَنَوَّعَتْ دِلَالَتُهَا ظَهَرَ مِنْ كَمَالِ المَوصُوفِ بِهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ.


(١) فَائِدَةٌ: الصِّفَاتُ السَّلْبِيَّةُ عِنْدَ الأَشَاعِرَةِ هِيَ الَّتِي تَسْلِبُ عَنِ اللهِ تَعَالَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَهِيَ خَمْسُ صِفَاتٍ -عَلَى اصْطِلَاحِهِم- وَهِيَ: (البَقَاءُ، القِدَمُ، مُخَالَفَتُهُ لِلحَوَادِثِ، قِيَامُهُ بِنَفْسِهِ، الوَحْدَانِيَّةُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>