للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَينَ إِصْبَعِينِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ حَقِيقَةً، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ مُمَاسَةٌ وَلَا حُلُولٌ.

د- حديث: ((إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ قِبَلِ اليَمَنِ)) (١).

وَالجَوَابُ: إِنَّ هَذَا الحَدِيثَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالنَّفَسُ هُنَا هُوَ مِنَ التَّنْفِيسِ وَهُوَ التَّفْرِيجُ، وَلَيسَتِ النَّفْسُ بِمَعْنَى الذَّاتِ!

قَالَ الأَزْهَرِيُّ فِي (تَهْذِيبِ اللُّغَةِ): "النَّفَسُ فِي هَذينِ الحَدِيثَينِ اسْمٌ وُضِعَ مَوضِعَ المَصْدَرِ الحَقِيقِيِّ مِنْ (نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيسًا وَنَفَسًا) كَمَا يُقَالُ: فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْرِيجًا وَفَرَجًا، كَأَنَّهُ قَالَ: أَجِدُ تَنْفِيسَ ربِّكُم مِنْ قِبَلِ اليَمَنِ، لِأَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ نَصَرَهُم بِهِم وَأَيَّدَهُم بِرِجَالِهِم" (٢).

٢ - قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [البَقَرَة: ٢٩] (٣): إِنَّ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي تَفْسِيرِهَا قَولَانِ:

أ- أَنَّهَا بِمَعْنَى: ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ -بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الخِلَافَ-: "وَأَولَى المَعَانِي بِقَولِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾ عَلَا عَلَيهِنَّ وَارْتَفَعَ؛ فَدَبَّرَهُنَّ بِقُدْرَتِهِ وَخَلَقَهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ" (٤).

وَقَالَ البَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: "هُوَ قَولُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرِ مُفَسِّرِي السَّلَفِ، وَذَلِكَ


(١) صَحِيحٌ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (٧/ ٥٢) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيلٍ السَّكُونِيِّ مَرْفُوعًا، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ أَوَّلًا، ثُمَّ وَجَدَ لَهُ شَاهِدًا فَصَحَّحَهُ فِي الصَّحِيحَةِ (٣٣٦٧).
(٢) تَهْذِيبُ اللُّغَةِ (٩/ ١٣).
(٣) وَالمَقْصُودُ مِنْ إِيرَادِهَا الإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ أَوَّلَها بِالقَصْدِ وَلَيسَ بِالعُلُوِّ.
(٤) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (١/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>