للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٦ - ١٨] حَيثُ فُسِّرَ القُرْبُ فِيهِمَا بِقُرْبِ المَلَائِكَةِ!

وَالجَوَابُ: إِنَّ تَفْسِيرَ القُرْبِ فِيهِمَا بِقُرْبِ المَلَائِكَةِ لَيسَ صَرْفًا لِلكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ، فَإِنَّ القُرْبَ مُقَيَّدٌ فِيهَا بِالمَلَائِكَةِ حَيثُ قَالَ: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى﴾ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ المُرَادَ بِهِ قُرْبُ المَلَكَينِ المُتَلَقِيِينِ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا أَضَافَ اللهُ القُرْبَ إِلَيهِ، وَهَلْ جَاءَ نَحْو هَذَا التَّعْبِيرِ مُرَادًا بِهِ المَلَائِكَةُ؟

فَالجَوَابُ: أَضَافَ اللهُ تَعَالَى قُرْبَ المَلَائِكَةِ إِلَيهِ؛ لِأَنَّ قُرْبَهُم تَمَّ بِأَمْرِهِ، وَهُمْ جُنُودُهُ وَرُسُلُهُ، وَقَدْ جَاءَ نَحْو هَذَا التَّعْبِيرِ مُرَادًا بِهِ المَلَائِكَةُ، كَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القِيَامَة: ١٨] فَإِنَّ المُرَادَ بِهِ قِرَاءَةُ جِبْرِيلَ القُرْآنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ مَعَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَضَافَ القِرَاءَةَ إِلَيهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ جِبْرِيلُ يَقْرَأُهُ عَلَى النَّبِيِّ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى صَحَّتْ إِضَافَةُ القِرَاءَةِ إِلَيهِ تَعَالَى.

وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هُود: ٧٤] وَإِبْرَاهِيمُ إِنَّمَا كَانَ يُجَادِلُ المَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ رُسُلُ اللهِ تَعَالَى.

٥) قَولُهُ تَعَالَى عَنْ سَفِينَةِ نُوحٍ: ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾ [القَمَر: ١٤]، وَقَولُهُ لِمُوسَى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَينِي﴾ [طَه: ٣٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>