للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أَقْوَالُ المُفَسِّرِينَ السَّابِقَةُ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ بَعْضِهَا مِنْ جِهَةِ التَّنَوِّعِ وَلَيسَ مِنْ جِهَةِ اخْتِلَافِ التَّضَادِّ، لِأَنَّ الآيَةَ تَحْتَمِلُ عِدَّةَ مَعَانٍ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ المُفَسِّرينَ يَأْخُذُ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ المَعَانِي؛ فَإِذَا جَمَعْتَهَا وَجَدْتَّ أَنَّ الآيَةَ تَتَضَمَّنُ هَذِهِ المَعَانِي الَّتِي قَالُوهَا جَمِيعًا.

- المَلَّاحُ: هُوَ قَائِدُ السَّفِينَةِ، وَسُمِّيَ مَلَّاحًا لِمُلَازَمَتِهِ لِلمَاءِ المِلْحِ، لِأَنَّ مَاءَ البَحْرِ مَالِحٌ، وَأمَّا الحَاذِقُ: فَهُوَ الَّذِي يُجِيدُ المِهْنَةَ.

- أَرْكَاُنُ الشُّكْرِ:

١ - الاعْتِرَافُ بِالنِّعْمَةِ.

٢ - نِسْبَتُهَا إِلَى المُنْعِمِ، وَذَلِكَ بِالتَّحَدُّثِ بِهَا ظَاهِرًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضُّحَى: ١١].

٣ - صَرْفُهَا فِي طَاعَتِهِ تَعَالَى (١).


(١) قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَأَصْلُ الشُّكْرِ فِي وَضْعِ اللِّسَانِ: ظُهُورُ أَثَرِ الغِذَاءِ فِي أَبْدَانِ الحَيَوَانِ ظُهُورًا بَيِّنًا. يُقَالُ: شَكِرَتِ الدَّابَّةُ؛ تَشْكَرُ شِكَرًا -عَلَى وَزْنِ سَمِنَتْ تَسْمَنُ سِمَنًا- إِذَا ظَهَرَ عَلَيهَا أَثَرُ العَلَفِ، وَدَابَّةٌ شَكُورٌ: إِذَا ظَهَرَ عَلَيهَا مِنَ السِّمَنِ فَوقَ مَا تَأْكُلُ وَتُعْطَى مِنَ العَلَفِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ((حَتَّى إِنَّ الدَّوَابَّ لَتَشْكَرُ مِنْ لُحُومِهِمْ))، أَي: لَتَسْمَنُ مِنْ كَثْرَةِ مَا تَأْكُلُ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ حَقِيقَتُهُ فِي العُبُودِيَّةِ: وَهُوَ ظُهُورُ أَثَرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَعَلَى قَلْبِهِ شُهُودًا وَمَحَبَّةً، وَعَلَى جَوَارِحِهِ انْقِيَادًا وَطَاعَةً.
وَالشُّكْرُ مَبْنِيٌ عَلَى خَمْسِ قَوَاعِدَ: خُضُوعُ الشَّاكِرِ لِلْمَشْكُورِ، وَحُبُّهُ لَهُ، وَاعْتِرَافُهُ بِنِعْمَتِهِ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيهِ بِهَا، وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهَا فِيمَا يَكْرَهُ". مَدَارِجُ السَّالِكِينَ (٢/ ٢٣٤).
قُلْتُ: وَالحَدِيثُ المَذْكُورُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (٣١٥٣)، وَلَمْ أَجِدْ لَفْظَهُ فِي مُسْلِمٍ -إِلَّا أنْ يَكُونَ المَقْصُودَ أَصْلُهُ-، وَأَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ (٨٥٠١) وَقَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيخَينِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".
وَالحَدِيثُ المَذْكُورُ هُوَ فِي حَقِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ عِنْدَ مَوتِهِم؛ حَيثُ تَأْكُلُ دَوَابُّ الأَرْضِ مِنْ جُثَثِهِم.

<<  <  ج: ص:  >  >>