للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- إنَّ نِسْبَةَ النِّعْمَةِ إِلَى غَيرِ اللهِ تَعَالَى -لَفْظًا- لَهُ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ:

١ - أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ خَفِيًّا لَا تَأْثِيرَ لَهُ إِطْلَاقًا، كَأنْ يَقُولَ: لَولَا الوَلِيُّ الفُلَانيُّ -المَيِّتُ أَوِ الغَائِبُ- مَا حَصَلَ كَذَا وَكَذَا! فَهَذَا شِرْكٌ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّه بِهَذَا القَولِ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِهَذَا الوَلِيِّ تَصَرُّفًا فِي الكَونِ مَعَ أَنَّهُ مَيِّتٌ أَو غَائِبٌ، فَهُوَ تَصَرُّفٌ خَفِيٌّ.

٢ - أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ؛ لَكِن لَمْ يَثْبُتْ كَونُهُ سَبَبًا لَا شَرْعًا وَلَا حِسًّا؛ فَهَذَا نَوعٌ مِنَ الشِّرْكِ الأَصْغَرِ (١).

٣ - أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى سَبَبٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ شَرْعًا أَو حِسًّا؛ فَهَذَا جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ السَّبَبَ مُؤَثِرٌ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ لَا يَتَنَاسَى المُنْعِمَ بِذلِكَ.

- فِي بَيَانِ قُبْحِ وبُطْلَانِ مَنْ أَضَافَ النِّعْمَةَ إِلَى السَّبَبِ دُونَ الخَالِقِ:

١ - أَنَّ الخَالِقَ لِهَذهِ الأَسْبَابِ هُوَ اللهُ تَعَالَى؛ فَكَانَ الوَاجِبُ أَنْ يُشْكَرَ وتُضَافَ النِّعْمَةُ إِلَيهِ.

٢ - أَنَّ السَّبَبَ قَدْ لَا يُؤَثِّرُ! كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((لَيسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لَا تُمْطَرُوا، وَلَكِنَّ السَّنَةَ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا وَلَا تُنْبِتُ الأَرْضُ شَيئًا)) (٢).

٣ - أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَكُونُ لَهُ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَأْثِيرِهِ (٣).


(١) وَذَلِكَ مِثْلُ التَّمَائِمِ وَالقَلَائِدِ الَّتِي يُقَالُ: إِنَّهَا تَمْنَعُ العَينَ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ! فَكَانَ مُشَابِهًا لِلمُشْرِكِينَ فِي صَنِيعِهِم وَتَعَلُّقِهِم بِهَا.
وَمِثْلُهُ أَيضًا زَعْمُ نُزُولِ المَطَرِ بِسَبَبِ حَرَكَاتِ النُّجُومِ وأَمْثَالِهَا، حَيثُ جَاءَ فِيهِ: ((أَصْبَحَ مِنْ عِبَادي مُؤْمِنٌ بي وَكَافِرٌ))، وَقَدْ سَبَقَ فِي (بَابِ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بِالأَنْوَاءِ) مِثْلُ هَذَا البَيَانِ.
(٢) مُسْلِمٌ (٢٩٠٤) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
(٣) قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ -وَقَدْ سَبَقَ-: "أَحْكَامُ الأَسْبَابِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:
=

<<  <  ج: ص:  >  >>