للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فِي الحَديثِ اسْتِعْمَالُ الغِلْظَةِ فِي مَحَلِّهَا، وَإِلَّا فَالأَصْلُ أَنَّ مَنْ جَاءَ يَعْتَذِرُ فَإِنَّهُ يُرْحَمُ، لَكِنْ هُنَا فإنَّ هَذَا الهَازِلَ لَيسَ أَهْلًا للرَّحْمَةِ.

- الاسْتِهْزَاءُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذهِ الثَّلَاثَةِ المَذْكُورَةِ فِي الآيَةِ هوَ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُخْرِجٌ عَنِ المِلَّةِ، أَمَّا الاسْتِهْزَاءُ بِالدِّينِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُ قَد يَكُونُ المَقْصُودُ بِالدِّينِ هُوَ الإِسْلَامَ نَفْسَهُ؛ وَهَذَا يَكُونُ كُفْرًا أَكْبَرَ، أَمَّا لَو كَانَ المَقْصُودُ هوَ تَدَيُّنَ الرَّجُلِ المَسْبُوبِ وَلَيسَ شَرِيعَتَهُ الَّتِي يَنْتَمِي إِلَيهَا أَصْلًا؛ فَهَذَا لَا يَكْفُرُ؛ وَإِنَّمَا يُزْجَرُ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ المُوهِمِ.

وَفِي مَجْمُوعِ فَتَاوَى وَرَسَائِلِ الشَّيخِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ آلِ الشَّيخِ : "سُئِلَ الشَّيخُ -مُفْتِي الدِّيَارِ السَّعَودِيَّةِ عَنْ حُكْمِ سَبِّ دِينِ رَجُلٍ.

مِنْ مُحَمِّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى فَضِيلَةِ الأَخِّ المُكَرَّمِ الشَّيخِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ -رَئِيسِ عَامِّ هَيئَاتِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ فِي الحِجَازِ.

السَّلَامُ عَلَيكُم وَرَحَمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وبَعْدُ

فَقَدِ اطَّلَعْنَا عَلَى المُعَامَلَةِ الوَارِدَةِ مِنْكُم بِرَقَم .... الخَاصَّةِ بِاعْتِرَافِ سَعْدِ بْنِ … بِسَبِّ الدِّينِ، وَالمُثْبَتِ اعْتِرَافُهُ لَدَى فَضِيلَةِ رَئِيسِ المَحْكَمَةِ الكُبْرَى بِمَكَّةَ المُكَرَّمَةَ، وَأَنَّه لَمْ يَثْبُتْ لَدَى فَضِيلَتِهِ مَا يُوجِبُ إِقَامَةَ حَدِّ الرِّدَّةِ بِقَتْلِ سَعْدٍ المَذْكُورِ، … إِذْ إنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِسَبِّ الإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا سَبِّ دِينِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَهَذا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ تَدَيُّنَ


=
فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحِجْر: ٨٥].
قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (ص ٤٣٤): "وَقَدْ ظَهَرَ لِي مَعْنًى أَحْسَنُ مِمَّا ذَكَرْتُ هُنَا، وَهُوَ: أَنَّ المَأْمُورَ بِهِ هُوَ الصَّفْحُ الجَمِيلُ، أَي: الحَسَنُ الَّذِي قَدْ سَلِمَ مِنَ الحِقْدِ وَالأَذِيَّةِ القَولِيَّةِ وَالفِعْلِيَّةِ؛ دُونَ الصَّفْحِ الَّذِي لَيسَ بِجَمِيلٍ، وَهُوَ الصَّفْحُ فِي غَيرِ مَحَلِّهِ، فَلَا يَصْفَحُ حَيثُ اقْتَضَى المَقَامُ العُقُوبَةَ، كَعُقُوبَةِ المُعْتَدِينَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ لَا تَنْفَعُ فِيهُم إِلَّا العُقُوبَةُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>