للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- إِنَّ تِلْكَ الصِّفَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا المُنَافِقُونَ؛ هُمْ أَولَى بِهَا مِنَ النَّبِيِّ وَالمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ: الكَذِبُ، وَالجُبْنُ، وَالشَّرَاهَةُ فِي الأَكْلِ.

- قَولُ المُصَنِّفِ فِي المَسَائِلِ: (الفَرْقُ بَينَ النَّمِيمَةِ، وَالنَّصِيحَةِ للهِ وَلِرَسُولِهِ): النَّمِيمَةُ: هِيَ نَقْلُ الكَلَامِ عَلَى وَجْهِ الوِشَايَةِ وَالإِفْسَادِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((أَتَدْرُونَ مَا العَضْهُ؟)) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ((نَقْلُ الحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ إِلَى بَعْضٍ؛ لِيُفْسِدُوا بَينَهُمْ)) (١)، وَأَمَّا النَّصِيحَةُ للهِ وَلِرَسُولِهِ؛ فَلَا يُقْصَدُ بِهَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا احْتِرَامُ شَعَائِرِ اللهِ ﷿، وَإِقَامَةُ حُدُودِهِ، وَحِفْظُ شَريعَتِهِ.

- قَولُ المُصَنِّفِ فِي المَسَائِلِ: (الفَرَقُ بَينَ العَفْوِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ، وَبَينَ الغِلْظَةِ عَلَى أَعْدَاءِ اللهِ): الفَرْقُ هوَ أَنَّ العَفْوَ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ إِصْلَاحٌ، لِأَنَّ اللهَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي العَفْوِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [الشُّورَى: ٤٠] أَي: كَانَ عَفْوُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى الإِصْلَاحِ، أَمَّا مَنْ كَانَ عَفْوُهُ إفِسْادًا لَا إِصْلَاحًا؛ فَإِنَّهُ آثِمٌ بِهَذَا العَفْوِ، فَإِنَّ هَذَا يَحُضُّ الظَّالِمَ عَلَى التَّمَادِي، وَإِنَّ أَعْدَاءَ اللهِ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ دِينَهُ وَيُظْهِرُونَ العَدَاوَةَ؛ الأَصْلُ فِي مُعَامَلَتِهِم الشِّدَّةُ وَالغِلْظَةُ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ [الفَتْحِ: ٢٩]، فَلَا يَكُونُ الرِّفْقُ مَعَهُم إِلَّا فِي جَانِبِ الدَّعْوَةِ وَتَأْلِيفِ القُلُوبِ، فَالغِلْظُ وَالرِّفْقُ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ رَاجِعٌ إِلَى مُنَاسَبَةِ الحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ -وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ هُوَ الرِّفْقُ بِلَا رَيبٍ- (٢).


(١) صَحِيحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (٢٤٥) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٨٤٥).
(٢) قُلْتُ: وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>