(٢) وَأَمَّا قَولُ بَعْضِ مَنِ افْتَرَى عَلَى البَغَويِّ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ عِنْدَ قَولِهِ: (يَنْظُرُونَ أَيُّهُم أَقْرَبُ إِلَى اللهِ؛ فَيَتَوَسَّلُونَ بِهِ) حَيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالأَشْخَاصِ، فَهُوَ افْتِرَاءٌ عَلَيهِ ﵀، وَانْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ حَيثُ تَجِدُهُ عَنَى التَّوَسُّلَ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَلَيسِ بِالأَشْخَاصِ الصَّالِحِينَ!قَالَ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٥/ ١٠٥): "وَقَولُهُ: ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ مَعْنَاهُ: يَنْظُرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ إِلَى اللهِ فَيَتَوَسَّلُونَ بِهِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيُّهُم أَقْرَبُ يَبْتَغِي الوَسِيلَةَ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَيَتَقَرَّبُ إِلَيهِ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ".وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّفْسِيرِ (٣/ ١٠٣) -عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ﴾ -: "قَالَ سُفْيَانُ الثَّورِيُّ: عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَي: القُرْبَةُ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدُ وَأَبُو وَائِلٍ وَالحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيدٍ وَغَيرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ قَتَادَةُ: أَي: تَقَرَّبُوا إِلَيهِ بِطَاعَتِهِ وَالعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ، وَقَرَأَ ابْنُ زَيدٍ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةُ لَا خِلَاف بَينَ المُفَسِّرِينَ فِيهِ".قُلْتُ: وَتَأَمَّلْ تَصْرِيحَ الحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ بِأَنَّ هَذَا هُوَ اتِّفَاقُ المُفَسِّرِينَ عَلَى مَعْنَى الآيَةِ الكَرِيمَةِ.وَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (١٠/ ٢٩١): "قَالَ ابْنُ زَيدٍ فِي قَولِهِ: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ﴾ قَالَ: المَحَبَّةَ، تَحَبَّبُوا إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ [الإِسْرَاءُ: ٥٧]).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute