(٢) وَمِنْ ذَلِكَ أَيضًا مَا رَوَاهُ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تَارِيخِهِ (٦٥/ ١١٢) بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ التَّابِعِيِّ الجَلِيلِ سُلَيمِ بْنِ عَامِرٍ الخَبَائِرِيِّ: (أَنَّ السَّمَاءَ قَحِطَتْ؛ فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ -وَأَهْلُ دِمَشْقَ يَسْتَسْقُونَ- فَلَمَّا قَعَدَ مُعَاوِيَةُ عَلَى المِنْبَرِ، قَالَ: أَينَ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الجُرَشيُّ؟ فَنَادَاهُ النَّاسُ، فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَأَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ؛ فَصَعِدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَعَدَ عِنْدَ رِجْلَيهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيكَ اليَومَ بِخَيرِنَا وَأَفْضَلِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيكَ اليَومَ بِيَزيدِ بْنِ الأَسْوَدِ الجُرَشِيِّ، يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيكَ إِلَى اللهِ، فَرَفَعَ يَدَيهِ، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيدِيَهُم؛ فَمَا كَانَ أَوشَكَ أَنْ ثَارَتْ سَحَابَةٌ فِي الغَرْبِ كَأَنَّهَا تُرْسٌ، وَهَبَّتْ لَهَا رِيحٌ، فَسَقَتْنَا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُم).فَهَذَا مُعَاوِيَةُ ﵁ أَيضًا لَا يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ ﷺ لِمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَإِنَّمَا يَتَوَسَّلُ بِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى؛ فَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ تَعَالَى لِيَسْقِيَهُم وَيُغِيثَهُم.وَحَدَثَ مِثْلُ هَذَا فِي وِلَايَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيسٍ أَيضًا حَيثُ اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ هَذَا أَيضًا.وَيَزِيدُ هَذَا هُوَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ، يَسْكُنُ بِالغُوطَةِ بِقَرْيَةِ زِبْدِينَ، أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ.قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: "بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي العِشَاءَ الآخِرَةَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، وَيَخْرُجُ إِلَى زِبْدِينَ فَتُضِيءُ إِبْهَامُهُ اليُمْنَى، فَلَا يَزَالُ يَمْشِي فِي ضَوئِهَا إِلَى القَرْيَةِ". تَارِيخُ دِمَشْقَ (٦٥/ ١٠٧).قُلْتُ: وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيسٍ عِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ أَحَادِيثُ. سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (٣/ ٢٤١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute