للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- أَنَّ التَّوَسُّلَ جَاءَ إِيضَاحُ مَعْنَاهُ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ لِلَأعرَابِيِّ، وَأَيضًا بِدُعَاءِ العَبَّاسِ -سَوَاءً كَانَ المَقْصُودُ تَعْلِيمَ الجَوَازِ أَمْ غَيرَهُ-، فَنَقُولُ: إِذًا فَلْيَتَوَسَّلُوا بِهِ كَمَا تَوَسَّلَ بِهِ أَصْحَابُهُ، وَأَنَّى لَهُم ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزُّمَر: ٣٠]؟!

د- تَكْرَارُ التَّوَسُّلِ بِالعَبَّاسِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وجُودِ تِلْكَ الدَّعْوَى أَصْلًا؛ لِقَولِهِ: (إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ كَانَ إِذَا قَحَطُوا؛ اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ) (١) (٢).

٨ - وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ عُمَرَ تَرَكَ التَّوَسُّلَ بِذَاتِهِ لِأَنَّهُ لَم يَبْلُغْهُ حَدِيثُ الضَّرِيرِ -وَسَيَأْتِي-! فَهُوَ جَوَابٌ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ:


(١) مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ ؛ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي الاسْتِيعَابِ (٢/ ٨١٤).
(٢) وَأَمَّا رِوَايَةُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يَرَى لِلعَبَّاسِ مَا يَرَى الوَلَدُ لِلْوَالِدِ؛ فَاقْتَدُوا بِرَسُولِ اللهِ، وَاتَّخِذُوهُ [أَي: العَبَّاسَ] وَسِيلَةً إِلَى اللهِ)! فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ضَعِيفَةٌ، فِيهَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ المَدَنِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ (ص ١٩٩) لِلحَافِظِ، وَقَد تَعَقَّبَ الذَّهَبِيُّ الحَاكِمَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَائِلًا: "دَاوُدُ: مَتْرُوكٌ".
وَقَد ذَكَرَ لَهَا الشَّيخُ الأَلبَانيُّ ثَلَاثَ عِلَلٍ:
١ - دَاودُ بْنُ عَطَاءٍ؛ ضَعِيفٌ.
٢ - سَاعِدَةُ بْنُ عُبَيدِ اللهِ المُزَنِيُّ؛ لَمْ تُوجَدْ لَهُ تَرْجَمَةٌ.
٣ - الاضْطِرَابُ فِي السَّنَدِ؛ فَتَارَةً عَنْ زَيدٍ عَنْ أَبِيهِ مِنْ طَرِيقِ هِشَام بْنِ سَعْدٍ، وَتَارةً عَنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهِشَامُ أَقْوَى مِنْ دَاوُدَ.
قُلْتُ: وَلَكِنْ أَيضًا هَذِهِ الرِّوَايَةُ يَكُونُ فِيهَا التَّوَسُّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الدُّعَاءِ؛ لِوُجُودِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>