للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- أَنَّ اللهَ تَعَالَى رَحْمَنُ رَحِيمٌ رَؤُوفٌ؛ لَيسَ كَآحَادِ خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ، فَالخَلْقُ رَحْمَتُهُم تُنَاسِبُ قَدْرَهُم، فَهيَ لَا تَسَعُ جَمِيعَ الخَلْقِ! وَأَمَّا اللهُ تَعَالَى فَرَحْمَتُهُ وَاسِعَةٌ؛ لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ اسْمُ مَنْ تُسْتَجْلَبُ بِهِ الرَّحْمَةُ إِلَى الخَلْقِ (١)! بِخِلَافِ مُلُوكِ الدُّنْيَا، وَهَذَا مِنْ قِيَاسِ الخَالِقِ عَلَى المَخْلُوقِ!

ج- أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ شِرْكَ المُشْرِكِينَ كَانَ بِاتِّخَاذِ الشُّفَعَاءِ مِنَ الصَّالِحِينَ بَينَهُم وَبَينَ اللهِ تَعَالَى، وَفَتْحُ بَابِ التَّوَسُّل بِذَوَاتِ الصَّالِحِينَ قَدْ يُفْضِي إَلَى ذَلِكَ (٢).

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ


(١) وَفِي الحَدِيثِ: ((جَعَلَ اللهُ ﷿ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ حَتَّى تَرفعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ)). صَحِيحٌ. الأَدَبُ المُفْرَدُ (١٠٠) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الأَدَبِ المُفْرَدِ (٧٣).
(٢) قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ : "إِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ بَعْضَ العُلَمَاءِ وَالمُحَقِّقِينَ عَلَى المُبَالَغَةِ فِي إِنْكَارِ التَّوَسُّل بِذَوَاتِ الأَنْبِيَاءِ وَاعْتِبَارِهِ شِرْكًا -وَإِنْ كَانَ هُوَ نَفْسُهُ لَيسَ شِرْكًا عِنْدَنَا- بَلْ يُخْشَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى الشِّرْكِ". التَّوَسُّلُ (ص ١٣٣).
وَقَالَ الشَّيخُ عَبْدُ اللهِ الغُنَيمَانُ حَفِظَهُ اللهُ: "أَمَّا دَعْوَةُ اللهِ بِهِمْ؛ كَأَنْ يَقُولَ: يَا رَبِّ! أَسْأَلُكَ بِوَلِيِّكَ الفُلَانِيِّ، أَو أَسْأَلُكَ بِنَبِيِّكَ، أَو أَسْأَلُكَ بِجِبْرِيلَ، أَو أَسْأَلُكَ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ؛ فَهَذَا -وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرْكًا- إِلَّا أَنَّهُ مِنَ البِدَعِ الَّتِي تَكُونُ طَرِيقًا إِلَى الشِّرْكِ". شَرْحُ بَابِ (مَا جَاءَ فِي المُصَوِّرِين) مِنْ شَرْحِهِ عَلَى كِتَابِ (فَتْحُ المَجِيدِ) شَرِيطُ رَقَم (١٢٨).
قُلْتُ: فَهُوَ مِنْ بِدَعِ الدُّعَاءِ، وَقَد جَاءَ النَّهْيُ عَنِ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَومٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ)). صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٩٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٢٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>