للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَكَّ أَنَّ رَئِيسَ الدَّولَةِ يَتَوَلَّى أُمُورَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النِّسَاء: ٥٩] " (١).

قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التَّحْرِيم: ٤].

- فَائِدَةٌ ١: اسْمُ (السَّيِّدِ) هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى (٢)، وَدَلَّ لِذَلِكَ الحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ؛ قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ؛ فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا. فَقَالَ: ((السَّيِّدُ اللهُ )، قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَولًا. فَقَالَ: ((قُولُوا بِقَولِكُمْ أَو بَعْضِ قَولِكُمْ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيطَانُ)) (٣).

وجَازَ إِطْلَاقُهُ عَلَى المَخْلُوقِ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عُمُومًا إِلَّا مَا يُنَاسِبُ المَخْلُوقَ، وَقَد انْتَشَرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَقِّ المَخْلُوقِ بِخِلَافِ لَفْظِ (الرَّبِّ).

قَالَ أَبُو العَبَّاسِ القُرْطُبِيُّ : "إنَّمَا فُرِّقَ بَينَ الرَّبِّ وَالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتُلِفَ فِي السَّيِّدِ؛ هَلْ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى أَمْ لَا؟ فَإِذَا قُلْنَا: لَيسَ مِنْ أَسْمَائِهِ؛ فَالفَرْقُ وَاضِحٌ إذْ لَا التِبَاسَ وَلَا إشْكَالَ يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ كَمَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ الرَّبِّ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ؛ فَلَيسَ فِي الشُّهْرَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ كَلَفْظِ الرَّبِّ؛ فَيَحْصُلُ الفَرْقُ بِذَلِكَ" (٤).


(١) القَولُ المُفِيدُ (٢/ ٣٤٣).
(٢) انْظُرْ كِتَابَ (القَوَاعِدُ المُثْلَى) (ص ١٦) لِلشَّيخِ ابْنِ عُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَكِتَابَ (صِفَاتُ اللهِ الوَارِدَةُ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) (ص ٢٠٨) لِلشَّيخِ عَلَوِي السَّقَّاف حَفِظَهُ اللهُ.
(٣) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (١٦٣٠٧)، وَأَبُو دَاوُدَ (٤٨٠٦). صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٧٠٠).
(٤) المُفْهِمُ لِمَا أَشْكَلَ مِنْ تَلْخِيصِ كِتَابِ مُسْلِمٍ (٥/ ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>