للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : "وَأَمَّا الرَّبُّ فَهِيَ كَلِمَةٌ -وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرِكَةً؛ وَتَقَعُ عَلَى غَيرِ الخَالِقِ؛ لِقَولِهِمْ: (رَبُّ الدَّابَّةِ، وَرَبُّ الدَّارِ) وَيُرَادُ صَاحِبُهَا؛ فَإِنَّهَا لَفْظَةٌ تَخْتَصُّ بِاللَّهِ ﷿ فِي الأَغْلَبِ وَالأَكْثَرِ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يُسْتَعْمَلَ فِي المَخْلُوقِينَ لِنَفْيِ اللهِ ﷿ الشَّرِكَةَ بَينَهُمْ وَبَينَ اللهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِأَحَدٍ -غَيرِ اللهِ- إلَهٌ وَلَا رَحْمَنٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: رَحِيمٌ؛ لِاخْتِصَاصِ اللهِ بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ؛ فَكَذَلِكَ الرَّبُّ لَا يُقَالُ لِغَيرِ اللهِ" (١).

وَنَقَلَ القَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ الدُّعَاءَ بِسَيِّدِي (٢)، قُلْتُ: وَهَذَا وَجْهُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ عُمُومِ اطْلَاقِ اسْمِ السَّيِّدِ عَلَى غَيرِ حَقِّ اللهِ تَعَالَى عِنْدَ العَامَّةِ.

وَلَكِنْ إِذَا كَانَ السِّيَاقُ سِيَاقَ غُلُوٍّ؛ فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى البَشَرِ؛ لِدِلَالَةِ صَرِيحِ الحَدِيثِ السَّابِقِ (٣).

- فَائِدَةٌ ٢: فِي أَحَدِ أَلْفَاظِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقُولَ: (مَولَايَ)، فَقَالَ فِيهِ: ((لَا تَقُولُوا مَولَايَ؛ فَإِنَّ مَولَاكُمُ اللهُ ﷿) مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ جَوَازُهُ عِنْدَهُ فِي لَفْظٍ آخَر! وَهَذَا اللَّفْظُ -لَفْظُ النَّهْي- أَعَلَّهُ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ بِأَنَّهُ نُقِلَ بِالمَعْنَى؛ فَهُوَ شَاذٌّ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَمُعَارِضٌ لِهَذَا الحَدِيثِ الَّذِي هُوَ نَصٌّ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ جَوَازُ إِطْلَاقِ لِفْظِ (مَولَايَ) (٤).


(١) شَرْحُ البُخَاريِّ (٧/ ٦٨).
(٢) طَرْحُ التَّثرِيبِ (٦/ ٢٢٢) لِلحَافِظِ العِرَاقِيِّ.
(٣) اُنْظُرْ كِتَابَ (إِعَانَةُ المُسْتَفِيدِ) (٢/ ٤٣٢) للشَّيخِ الفَوزَان حَفِظَهُ اللهُ.
(٤) انْظُرْ (طَرْحُ التَّثرِيبِ) (٦/ ٢٢٢) لِلحَافِظِ العِرَاقِيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>