للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مُحَرَّمٌ أَيضًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النَّحْل: ٣٥] (١).

٥ - أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي التَّمَنِّي.

وَحُكْمُهُ بِحَسْبِ مَا تَمَنَّى؛ فَإِنْ كَانَ خَيرًا فَخَيرٌ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَشَرٌّ.

وَفي الحَدِيثِ فِي قِصَّةِ النَّفَرِ الأَرْبَعَةِ؛ قَالَ أَحَدُهُم: ((لَو أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ)) أَي مِنَ الخَيرِ ((فَهُوَ بِنِيَّتِهِ؛ فأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ)) فَهَذَا تَمَنَّى خَيرًا، وَقَالَ الثَّانِي: ((لَو أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ)) أَي مِنَ الشَّرِّ ((فَهُوَ بِنِيَّتِهِ؛ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ)) (٢) (٣).


(١) وَأَيضًا قَولُهُ تَعَالَى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأَنْعَام: ١٤٨].
(٢) وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ: (ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيهِنَّ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً فَصَبَرَ عَلَيهَا إِلَّا زَادَهُ اللهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ بَابَ فَقْرٍ -أَو كَلِمَةً نَحْوَهَا-، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ.
عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ.
وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَو أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ؛ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ؛ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ.
وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا؛ فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا؛ فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ.
وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَو أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ)). صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٣٢٥) عَنْ أَبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيِّ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٠٢٤).
(٣) قُلْتُ: وَفي البُخَاريِّ (٩/ ٨٥) بَابُ: مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّو، وَقَولِهِ تَعَالَى: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾ [هُود: ٨٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>