للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل أن أذبح، قال: اذبح، ولا حرج، وقال الآخر: ذبحت قبل أن أرمي، قال: ارمِ ولا حرج، فما سئل عن شيء قدِّم، ولا أُخِّر إلاَّ قال: افعل ولا حرج" ولم يقيده بالناسي والجاهل.

وذهب بعضهم -ومنهم الحنفية- إلى أنَّ رفع الحرج هو في حق الجاهل والناسي فقط، لقول السائل في الحديث "لم أشعر" والمطلق يحمل على المقيد، فيختص الحكم بهدذه الحال، ويبقى العامد على أصل وجوب اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- في المناسك لحديث: "خذوا عني مناسككم".

وقال الطحاوي: إنَّ هذا القول له احتمالان:

أحدهما: أن يكون -صلى الله عليه وسلم- أباح ذلك له توسعة وترفيهًا، فيكون للحاج أن يقدم ما شاء ويؤخر ما شاء.

والآخر أنَّ قوله: "لا حرج" أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من هذه، على الجهل منكم لا على القصد، وإنما كان ذلك لجهلهم بالمناسك؛ لأنّ السائلين كانوا أعرابًا، لا علم لهم بالنسك.

* وهل على من قدم المؤخر من هذه المناسك على المقدَّم منها دم، أو لا؟ الجمهور على عدم وجوب الدم، بناء على جواز التقديم والتأخير في كل الأحوال.

* فائدة:

لا خلاف بين العلماء في إجزاء تقديم بعضها على بعض في حق العامد والناسي، وسقوط الوجوب به.

قال في المغني: "لا نعلم خلافًا بينهم في أنَّ مخالفة الترتيب لا تخرج هذه الأفعال عن الإجزاء، ولا يمنع وقوعها موقعها".

وقال الطبري: "لم يسقط النبي -صلى الله عليه وسلم- الحرج إلاَّ وقد أجزأ الفعل، إذ لو لم يجزئه لأمره بالإعادة، لأنَّ الجهل والنسيان لا يضعان عن المكلف الحكم الذي يلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>