للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمر الحاجم أن يعلفه ناضحه، أو رقيقه.

٥ - فالخبيث لا يراد به خبيث الحرمة، وإنما يراد به خبث الدناءة.

قال ابن القيم في زاد المعاد ما خلاصته: صحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه حكم بخبث كسب الحجام، وأمر الصحابي أن يعلفه ناضحه، أو رقيقه، وصحَّ عنه أنَّه احتجم وأعطى الحجام أجره، فإعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- الحجام أجره لا يعارض قوله: "كسب الحجام خبيث" فإنَّه لم يقل إن إعطاءه خبيث إلى آخذه وآكله، ولا يلزم من ذلك تحريمه، فقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- الثوم والبصل خبيثَيْن، ولم يحرِّم أكلهما، ولا يلزم من إعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- الحجام أجره حِل أكله، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعطي الرجل العطية يخرج بها يتأبطها نارًا" وقد أعطى المؤلفة قلوبهم من مال الزكاة والفيء، مع غناهم وعدم حاجاتهم؛ ليبذلوا للإسلام والطاعة ما يجب عليهم المبادرة إلى بذله بلا عوض، وهذا أصلٌ معروفٌ من أصول الشرع أنَّ العقد والبذل قد يكون جائزًا، أو مستحبًّا، أو واجبًا، من أحد الطرفين، مكروهًا أو محرَّمًا من الطرف الآخر، فيجب على الباذل أن يبذل، ويحرم على الآخذ أن يأخذ.

وبالجملة فخبث أجر الحجام من جنس خبث أكل الثوم والبصل، لكن هذا خبيث الرائحة، وهذا خبيث لكسبه.

٦ - قال ابن القيم: اختلف الفقهاء في أطيب المكاسب على ثلاثة أقوال: التجارة، أو الزراعة، أو عمل الرجل بيده.

والراجح أنَّ أحلَّها كسب الغانمين، وما أبيح للغانمين على لسان الشارع.

٧ - وفي الحديث دلالةٌ على أنَّ الحجامة من العلاج النافع لبعض الأمراض.

٨ - وفي الحديث دلالةٌ على إباحة التداوي بالأدوية النافعة المباحة، وأنَّ هذا لا ينافي التوكل على الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>