للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنصارى، والمجوس، والبوذيين، وغيرهم.

والخلاف مبنيٌّ على أنَّ الكفر: هل هو ملة واحدة أو ملل شتى متعددة؟

فذهب الحنفية والشافعية، ورواية للحنابلة أنَّ الكفر ملةٌ واحدةٌ، فعلى هذا القول يتوارث الكفار فيما بينهم، ولو اختلفت أديانهم، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣].

فالآية عامة، ولأنَّ توريث الأقارب جاء في كتاب الله وهو عام، فليبق على عمومه.

وذهب المالكية إلى أنَّ الكفر ثلاث ملل:

فاليهودية ملة، والنصرانية ملة، وبقية الكفر ملة واحدة؛ لأنَّهم يجمعهم أنَّهم لا كتاب لهم.

وبناءً على هذا القول فلا يرث اليهودي من النصراني، ولا العكس، ولا يرث أحدهما من الوثني، فصار ضابط الملة هو وجود الكتاب مع وجدته، وعدم وجوده.

وذهب الإِمام أحمد إلى أنَّ الكفر ملل متعددة، فلا يرث أهل كل ملة من الملة الآخرى، وكأن ضابط الملة على هذا القول هو النحلة، مع قطع النظر عن وجود الكتاب وعدمه.

واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَتَوَارَثُ أهل ملتين شتَّى".

وهذا هو القول الراجح لهذا الحديث، الذي هو نصٌّ في التوارث بين أهل ملتين، ولأنَّ كل ملَّةٍ لا موالاة بينها وبين الملة الآخرى، ولا اتفاق في الدين، فلم يرث بعضهم بعضا كالمسلمين مع الكفار، وأما عمومات النصوص في التوريث، فهي مخصَّصة بمخصصات أخر، فلم تبق على عمومها، فيُخَص منها محل النزاع بهذا الخبر، والقياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>