للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: الاستغفار، ولو عظمت الذنوب، وبلغت في الكثرة عَنَان السماء.

والمراد بالاستغفار: الاستغفارُ المقرونُ بعدم الإصرار.

أما الاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب، فهو دعاء مجرَّد، إن شاء الله أجابه، وإن شاء ردَّه.

وقد يكون الإصرار مانعًا من الإجابة؛ ففي المسند (٦٥٠٥) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص مرفوعًا: "ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون".

وخرَّج البيهقي في الشعب (٥/ ٤٣٦) عن ابن عباس مرفوعًا: "المستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزيء بربه".

فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار؛ كما مدح الله أهله، ووعدهم بالمغفرة.

فأفضل الاستغفار ما قارن به ترك الإصرار، وهو حينئذٍ يؤمِّل توبة نصوحًا، وإن قال بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلع بقلبه، فهو داع لله بالمغفرة، قد يرجى له الإجابة.

وأفضل أنواع الاستغفار: أن يبدأ بالثناء على ربه، ثم يثنِّي بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة؛ كما جاء في سيد الاستغفار.

الثالث: التوحيد، فهو أقوى أسباب المغفرة، فالتوحيد هو السبب الأعظم؛ فمن فقده، فقد المغفرة، ومن جاء به، فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨].

جاء مع التوحيد، ولو جاء بقُراب الدنيا خطايا، لقيه الله بقُرابها مغفرة، لكن هذا مع مشيئته عزَّ وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>