وليعد الراغب في الاستزادة من بيان "فضل العلم" إلى مقدمات دواوين السنة وتراجم جهابذة الحديث لينظر طرفاً من فضل الحديث وفضل طلبه وتعليمه، وخاصة ما ذكره الخطيب البغدادي في كتابه "شرف علوم الحديث".
كما وأنه مما حثَّني على الانتهاض لتلك المهمة هو معرفتي بالأخ الفاضل الشيخ/ نبيل بن يعقوب البصارة - على مدى معايشتي له قرابة ثلاثين عاماً، عرفتُه فيها باحثاً جاداً عازفاً عن زخارف الدنيا، غير ملتفتٍ إلى بهرج، ولا عرض عاجل، بل طالباً للعلم عاكفاً على مدارسة السنَّة وعلومها، متأبِّطاً لدواوينها، متتبِّعاً لمياسم أهلها، زاده الله فضلًا وعلماً وخلقاً.
ولخدمة كتاب "أنيس الساري" عمدتُ إلى:
١ - العمل على إخراج الكتاب في أحسن صورة، وأبهى حلَّة، خالياً من الأخطاء، ويأتي هذا من خلال تفريغي لموظف خلال عامين كاملين، يقوم على طباعة الكتاب ومراجعته وتصحيحه، واعتماده، وذلك في كل حرف من الشيخ/نبيل يعقوب، ثم قمتُ بدفعه بعدها إلى مطبعة نظنُّ بها الخير في جودتها وإتقانها.
٢ - عزمتُ على تهذيب وترتيب فتح الباري معتمداً على الطبعة الموجودة في السوق "الطبعة السلفية" من أجل نقل الكتاب من كونه كتاباً لا يقتنيه إلا العلماء، إلى كتاب يستأنس به طلبة العلم وعامة القراء من أبناء الصحوة الإِسلامية، وذكرت الحكم على الأحاديث الواردة في كتاب فتح الباري شرح البخاري والتي وصل إليها الشيخ نبيل في كتابه "أنيس الساري" رغبة في تسهيل التخريج على الباحث العجلان في الوصول إلى درجة حكم الأحاديث الواردة في شرح ابن حجر - رحمه الله -. واعتبرتُ هذا العمل تقديماً للجهد الذي بذله الشيخ نبيل في خدمة فتح الباري، وأسميتُهُ:"فتح الفتوح الدواني في ترتيبات وتهذيبات وتخريجات وفقهيات وتوضيحات فتح الباري"، وقد اختصرتُ الاسم إلى "فتح الفتوح"، هذا وقد كنتُ حريصاً على عدم الإساءة للكتاب في الاختصار المخلّ، فابن حجر - رحمه الله - قد حبَّره تحبيراً جميلاً، يصعب على أحد أن يختصره، حيث قال:(وقد استخرتُ الله تعالى في أن أضم إليه نبذاً شارحة لفوائده، موضحةً لمقاصده، كاشفةً عن مغزاه في تقييد أوابده واقتناص شوارده، وأقدم بين يدي ذلك كله مقدمة تبين قواعده وتزيِّن فرائده، جامعة وجيزة؛ دون الإسهاب وفوق القصور، سهلة المأخذ، تفتح المستغلق وكذلك الصعاب، وتشرح الصدور) اهـ.