جلس إليّ شيخ من بني تميم في مسجد البصرة ومعه صحيفة له في يده قال: وفي زمان الحجاج، فقال لي: يا عبد الله أترى هذا الكتاب مغنيا عني شيئًا عند هذا السلطان؟ فقلت: وما هذا الكتاب؟ قال: هذا كتاب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتبه لنا أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا. فقلت: لا والله ما أظنّ أن يغني عنك شيئًا، وكيف كان شأن هذا الكتاب؟ قال: قدمت المدينة مع أبي وأنا غلام شاب بإبل لنا نبيعها، وكان أبي صديقا لطلحة بن عبيد الله التيمي فنزلنا عليه، فقال له أبي: أخرج معي فبع لي إبلي هذه، فقال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهى أن يبيع حاضر لباد، ولكن سأخرج معك فأجلس وتعرض إبلك فإذا رضيت من رجل وفاء وصدقا ممن ساومك أمرتك ببيعه. قال: فخرجنا إلى السوق فوقفنا ظهرنا وجلس طلحة قريبا فساومنا الرجال حتى إذا أعطانا رجل ما نرضى قال له أبي: أبايعه؟ قال: نعم، رضيت لكم وفاءه فبايعوه، فبايعناه، فلما قبضنا مالنا وفرغنا من حاجتنا قال أبي لطلحة: خذ لنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتابا أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا، قال: فقال: هذا لكم ولكل مسلم. قال: على ذلك إني أحبّ أن يكون عندي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتاب، فخرج حتى جاء بنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إنّ هذا الرجل من أهل البادية صديق لنا وقد أحبّ أن تكتب له كتابا لا يتعدى عليه في صدقته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "هذا له ولكل مسلم" قال: يا رسول الله، إني قد أحبّ أن يكون عندي منك كتاب على ذلك، قال: فكتب لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الكتاب.
أخرجه أحمد (١/ ١٦٣ - ١٦٤)
وتابعه يزيد بن زُرَيع البصري ثنا ابن إسحاق به.
أخرجه أبو يعلى (٦٤٤) والهيثم بن كليب (٢١)
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح" المجمع ٣/ ٨٢ - ٨٣
قلت: ابن إسحاق روى له مسلم في المتابعات وعلّق له البخاري كما في "التهذيب"
والحديث اختلف فيه على سالم أبي النضر:
• فرواه عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن سالم أبي النضر عن رجل من بني تميم عن أبيه عن طلحة.
قاله الدارقطني في "العلل" (٤/ ٢٢٠)
وقال: وهو الصواب"
• ورواه مفضل بن فضالة بن عبيد المصري عن عياش بن عباس القِتْبَاني عن سالم أبي النضر عن نوفل بن مساحق عن أبيه عن طلحة.