للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسناء سمِّيت باسم اليهود (١)؛ إذْ وَجَدَ الاسمَ مقرونًا بالقُبح، فظنَّ أنَّ القُبحَ أيضًا يلازمُ الاسم.

ولهذا يُورَدُ على بعض العوامِّ مسألةٌ عقليةٌ جليَّةٌ فيقبلُها، فإذا قلتَ: هذا مذهبُ الأشعريِّ أو المعتزليِّ أو الظَّاهريِّ (٢) أو غيره، نَفَر عنه إن كان سيِّاء الاعتقاد فيمن نسبتَها إليه، وليس هذا طبعَ العاميِّ، بل طبعُ أكثر العقلاء المتوسِّمينَ (٣) بالعلم، إلا العلماء الراسخينَ الذين أراهم الله الحقَّ حقًّا، وقوَّاهم على اتِّباعه.

وأكثرُ الخلق قُوى نفوسِهم (٤) مطيعةٌ للأوهام الكاذبة، مع علمهم بكذبها، وأكثرُ إقدام الخلق وإحجامهم بسبب هذا الأوهام؛ فإنَّ الوهمَ عظيمُ الاستيلاء على النَّفس، ولذلك يَنفِرُ طبعُ الإنسان عن المبيت في بيتٍ فيه ميِّتٌ مع قطعه بأنه لا يتحرَّك، ولكنه يتوهَّمُ في كلِّ ساعةٍ حَرَكَته ونُطْقَه (٥).

قالوا: فإذا انتبهتَ لهذه المثارات عرفتَ بها سِرَّ القضايا التي تستحسنُها العقول، وسِرَّ استحسانها إياها، والقضايا التي تستقبحُها العقول، وسِرَّ استقباحها لها.

ولنضربْ لذلك مثلين، وهما مما يحتجُّ بهما علينا أهلُ الإثبات (٦):


(١) مهملة في (د). وفي بعض نسخ «المستصفى»: «الهنود».
(٢) «المستصفى»: «مذهب الأشعري أو الحنبلي أو المعتزلي».
(٣) «المستصفى»: «المتسمين». وفي بعض نسخه: «المترسمين».
(٤) في الأصول: «ترى نفوسهم». والمثبت من «المستصفى». وتقدم آنفًا.
(٥) «المستصفى» (١/ ١١٦ - ١١٧).
(٦) إثبات الحسن والقبح العقليَّين.