للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشدُّ فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته" (١).

وهذا غايةُ ما يكونُ من الفرح وأعظمُه، ومع هذا فالله سبحانه أشدُّ فرحًا بتوبة العبد المؤمن من فرح هذا براحلته (٢).

وسيأتي ــ إن شاء الله ــ الكلامُ على هذا الحديث (٣)، وذكرُ سرِّ هذا الفرح بتوبة العبد (٤).

والمقصودُ أنَّ هذا الفرحَ المذكورَ إنما يكونُ بعد التوبة من الذنب، فالتوبةُ والذنبُ لازمان لهذا الفرح، ولا يوجد الملزومُ بدون لازمه، وإذا كان هذا الفرحُ المذكورُ إنما يحصُل بالتوبة المستلزمة للذنب، فحصولُه في دار النعيم التي لا ذنبَ فيها ولا مخالفة ممتنع.

ولما كان هذا الفرحُ أحبَّ إلى الربِّ سبحانه من عدمه اقتضت محبتُه له خلقَ الأسباب المُفْضِية إليه؛ ليترتَّب عليها المُسَبَّبُ الذي هو محبوبٌ له.

* وأيضًا؛ فإن الله سبحانه جعل الجنةَ دار جزاءٍ وثواب، وقسَّم منازلها بين أهلها على قَدْرِ أعمالهم، وعلى هذا خلقها سبحانه؛ لما له في ذلك من الحكمة التي اقتضتها أسماؤه وصفاتُه؛ فإنَّ الجنة درجاتٌ بعضُها فوق


(١) "صحيح البخاري" (٦٣٠٨)، و"صحيح مسلم" (٢٧٤٤) من حديث ابن مسعود. والدَّوِيَّة: الأرض القفر الخالية. والمَهْلكة (بفتح اللام وكسرها): موضع خوف الهلاك.
(٢) من قوله: "وهذا غاية" إلى هنا ليس في (ح، ن).
(٣) لم يقع ذلك في باقي الكتاب، وانظر ما سيأتي (ص: ٨١٣)، وراجع ما كتبناه في المقدمة.
(٤) (ت): "الفرح بهذا العبد".