للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض، وبين الدرجتين كما بين السَّماء والأرض؛ كما في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنَّ الجنةَ مئة درجة، بين كلِّ درجتين كما بين السَّماء والأرض" (١).

وحكمةُ الربِّ سبحانه مقتضيةٌ لعمارة هذه الدَّرجات كلِّها، وإنما تُعْمَرُ ويقعُ التفاوتُ فيها بحسب الأعمال، كما قال غيرُ واحدٍ من السلف: "ينجونَ من النار بعفو الله ومغفرته، ويدخلونَ الجنة بفضله ونعمتِه (٢)، ويتقاسمونَ المنازلَ بأعمالهم" (٣).

وعلى هذا حملَ غيرُ واحدٍ ما جاء من إثبات دخول الجنة بالأعمال، كقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: ٧٢]، وقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢].

قالوا: وأما نفيُ دخولها بالأعمال كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يَدْخُل الجنةَ أحدٌ بعمله" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا" (٤)، فالمرادُ به نفيُ أصل الدخول.


(١) "صحيح البخاري" (٢٧٩٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) (ق): "ونعمته ومغفرته".
(٣) أخرجه هناد في "الزهد" (١/ ٤٠٤) عن ابن مسعود موقوفًا بإسنادٍ ضعيف.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٢٤٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٧٤) عن عون بن عبد الله.
وروي مرفوعًا من حديث أنس بن مالك عند ابن أبي الدنيا بإسنادٍ ضعيف، ساقه ابن كثير في "النهاية" (٢٠/ ١٠١) ثم قال: "وهذا حديث غريب".
(٤) أخرجه البخاري (٥٦٧٣)، ومسلم (٢٨١٦) من حديث أبي هريرة.