للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعضُ أهل العلم: وليس خوفُهم من ذلك على الميِّت، لكنْ على الأحياء المجبولين على الطِّيَرة، لئلَّا تحدِّثهم أنفسُهم بالميِّت أنه من أهل النار، لِمَا رأوا من النار التي تَتْبَعُه في أول أيَّامه من الآخرة، ولا سيَّما في مكانٍ يرادُ منهم فيه كثرةُ الاجتهاد للميِّت بالدعاء، فإذا لم يبقَ له زادٌ غيرُه فيظنُّون أنَّ تلك النار من بقايا زاده إلى الآخرة، فتسوءُ ظنونُهم به، وتنفرُ عن رحمته قلوبُهم في مكانٍ هم فيه شهداءُ الله؛ كما جاء في الحديث الصحيح لما مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازةٍ فأثنوا عليها خيرًا، فقال: «وجبَت»، فقالوا: ما وجبَت؟ قال: «وجبَت له الجنة، أنتم شهداءُ الله في الأرض، من أثنيتم عليه خيرًا وجبَت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبَت له النار» (١).

وفي أثرٍ آخر: «إذا أردتم أن تعلموا ما للميت عند الله فانظروا ما يتبعُه من حسن الثناء» (٢).

فقالت عائشة رضي الله عنها: لا يكونُ آخرُ زاده من الثَّناء والدعاء أن


(١) أخرجه البخاري (١٣٦٧)، ومسلم (٩٤٩) من حديث أنس.
(٢) أخرجه مالك (٢٦٣٠) من قول كعب الأحبار بإسنادٍ صحيح.
وروي مرفوعًا من حديث علي، أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١٣/ ٣٧٤)، ولا يصح. انظر: «السلسلة الضعيفة» (١٦٢٠).