للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَتْبعوه بالنار، فتهيِّجوا بها خواطرَ الناس، وتبعثوا ظنونَهم بالتطيُّر بالنار والعذاب. والله أعلم.

فصل

وأمَّا تلك الوقائعُ التي ذكروها مما يدلُّ على وقوع ما تطيَّر به مَنْ تطيَّر؛ فنعم، وهاهنا أضعافُها وأضعافُ أضعافها.

ولسنا ننكرُ موافقةَ القضاء والقدر لهذه الأسباب وغيرها كثيرًا، وموافقةُ حَزْر الحازرين وظنون الظَّانِّين وزَجْر الزاجرين للقَدَر أحيانًا مما لا ينكرُه أحد.

ومن الأسباب التي توجبُ وقوعَ المكروه: الطِّيَرة، كما تقدَّم، وأنَّ الطِّيَرة على من تطيَّر، ولكنْ نصَبَ اللهُ سبحانه لها أسبابًا يُدْفَعُ بها مُوجَبُها وضررُها، من التوكُّل عليه، وحسن الظَّنِّ به، وإعراض قلبه عن الطِّيَرة، وعدم التفاته إليها وخوفه منها، وثقته بالله عز وجل.

ولسنا ننكرُ أنَّ هذه الأمور ظنونٌ وتخمينٌ وحَدْسٌ وخَرْص، وما كان هذا سبيلُه فيصيبُ تارةً ويخطاءُ تارات.

وليس كلُّ ما تطيَّر به المتطيِّرون وتشاءموا به وقعَ جميعه وصَدَق، بل أكثرُه كاذب، وصادقُه نادر، والناسُ في هذا المقام إنما يعوِّلون (١) وينقلون ما صحَّ ووقَع ويعتنونَ به، فيُرى كثيرًا، والكاذبُ منه أكثرُ من أن يُنْقَل.

قال ابن قتيبة: مِنْ شأن [الناس] (٢) حفظُ الصَّواب للعجَب به والشَّغف


(١) (ت): «يقولون».
(٢) ليست في الأصول.