للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا المتوكِّلون على الله، المفوِّضون إليه، العالمون به وبأمره، فنفوسُهم أشرفُ من ذلك، وهممُهم أعلى، وثقتُهم بالله وحسنُ ظنِّهم به عُدَّةٌ لهم وقوَّةٌ وجُنَّة مما يتطيَّر به المتطيِّرون، ويتشاءمُ به المتشائمون، عالمون أنه لا طيرَ إلا طيرُه، ولا خيرَ إلا خيرُه، ولا إلهَ غيرُه، ألا له الخلقُ والأمر، تبارك الله ربُّ العالمين.

فصل

ومما كان الجاهليةُ يتطيَّرون به ويتشاءمون منه: العُطاس (١)، كما يتشاءمون بالبَوارِح والسَّوانِح.

قال رؤبة بن العجَّاج يصف فلاةً:

* قطعتُها ولا أهابُ العُطاسا * (٢)

وقال امرؤ القيس (٣):

وقد أغتدي قبل العُطاسِ بهيكلٍ ... شديدِ مَشَكِّ الجَنْبِ فَعْمِ المُنَطَّق

أراد (٤) أنه كان ينتبهُ للصَّيد قبل أن ينتبه الناسُ من نومهم؛ لئلَّا يسمَع


(١) انظر: «المعاني الكبير» (٢٧١، ١١٨٥)، و «جمهرة اللغة» (٨٣٥)، و «الأزمنة والأمكنة» (٢/ ٣٥٢)، و «العمدة» لابن رشيق (١٠٣٢).
(٢) كذا في الأصول. ولم أجده. والمشهور في هذا الباب قوله:
* ولا أبالي اللَّجَم العَطُوسا *
انظر: ديوانه (٧١)، و «تهذيب اللغة» (٢/ ٦٥، ١١/ ١٠٣)، و «العباب» (عطس)، و «المعاني الكبير»، و «خزانة الأدب» (٢/ ٢٧٩). وفي روايته اختلاف.
(٣) ديوانه (١٧٢).
(٤) (ت): «أي».