للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمكلَّفين وانقطاع حجَّتهم عن الله (١).

فيا لله العجب! أيُّ لُطْفٍ حصل بهذا المعدوم، لا المعصوم؟! (٢) وأيُّ حجَّةٍ أثبتُّم للخلق على ربهم بأصلكم الباطل؟! فإنَّ هذا المعدومَ إذا لم يكن لهم سبيلٌ قطُّ إلى لقائه والاهتداء به، فهل في تكليف ما لا يطاقُ أبلغُ من هذا؟! وهل في العذر والحجَّة أبلغُ من هذا؟!

فالذي فررتم منه وقعتم في شرٍّ منه، وكنتم في ذلك كما قيل:

المستجيرُ بعمرٍو عند كُرْبته ... كالمستجير من الرَّمضاءِ بالنارِ (٣)

ولكن أبى اللهُ إلا أن يفضحَ من تنقَّصَ بالصحابة الأخيار وبسادة هذه الأمَّة، وأن يُرِيَ الناسَ عورتَه ويُغْرِيه بكشفها. ونعوذُ بالله من الخذلان.

ولقد أحسن القائل:

ما آنَ للسِّرداب أن يَلِدَ الذي ... حمَّلتمُوه (٤) بزعمكم ما آنا

فعلى عقولكم العَفاءُ فإنَّكم ... ثَلَّثتُم العَنْقاءَ والغِيلانا (٥)


(١) انظر: «النكت الاعتقادية» للمفيد (٤٤ - ٤٥). وراجع: «أصول مذهب الشيعة» للقفاري (٢/ ٧٨٩).
(٢) (ح): «بهذا المعدوم المعصوم».
(٣) بيتٌ سائرٌ مشهور، في عامة كتب الأمثال، تمثَّل به أبو نجدة لُجَيْم بن سعد، في «الأغاني» (٢٣/ ٢١٩)، فنسبه إليه بعضهم، وهو وهم، وورد في كثيرٍ من المصادر دون نسبة، وقال العباسي في «معاهد التنصيص» (٤/ ٢٠١): «لا أعرف قائله».
(٤) كذا في الأصول. وفي بعض المصادر: «كلمتموه».
(٥) تنسبُ الشيعةُ البيتين لابن حجر الهيتمي (ت: ٩٧٣)، ولهم عليه ردود. انظر: «الكنى والألقاب» للقُمِّي (١/ ٢٦٢)، و «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» (١٠/ ١٧٧، ٢٠/ ١١٠). وذلك أنه استشهد بهما في «الصواعق المحرقة» (٢/ ٤٨٣)، وقد اكتوى به القوم، واستشهد بهما المصنف هنا وفي «المنار المنيف» (١١٩)، وهو قبل الهيتميِّ بدهر.