للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علمي (١)، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: ٢٥]؛ فالبيِّنات: الآياتُ التي أقامها اللهُ دلالةً على صدقهم من المعجزات، والكتابُ: هو الدعوة.

وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: ٩٦ - ٩٧]، ومقامُ إبراهيم آيةٌ جزئيةٌ مرئيةٌ بالأبصار، وهو من آيات الله الموجودة في العالم. ومنه قولُ موسى لفرعون وقومه: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٠٥) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦) فَأَلْقَى عَصَاهُ} [الأعراف: ١٠٥ - ١٠٧]، وكان إلقاءُ العصا وانقلابها حيَّةً هو البيِّنة.

وقال قومُ هودٍ: {يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} [هود: ٥٣]، يريدونَ آيةَ الاقتراح، وإلا فهو قد جاءهم بما يعرفون به أنه رسولُ الله إليهم، فطلبُ الآية بعد ذلك تعنُّتٌ واقتراحٌ لا يكون لهم عذرٌ في عدم الإجابة إليه.

وهذه هي الآياتُ التي قال اللهُ تعالى فيها: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} [الإسراء: ٥٩]، فعدمُ إجابته سبحانه إليها إذ طلبها الكفارُ [كان] رحمةً منه وإحسانًا؛ فإنه جرَت سُنَّته التي لا تبديل لها أنهم إذا طلبوا الآيةَ واقترحوها وأجيبوا ولم يؤمنوا عُوجِلوا بعذاب الاستئصال (٢)،


(١) انظر: «الطرق الحكمية» (٢٥، ٦٤)، و «إعلام الموقعين» (١/ ٩٠).
(٢) انظر: «الجواب الصحيح» (٦/ ٤٣٠ - ٤٥١).