للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هادئ الحركات، قد سَجَد بين يديه سجدةً إلى الممات.

فلو لم يكن من ثمرة ذلك القضاء والقدر إلا هذا وحده لكفى به حكمة، والله المستعان.

فصل

ومنها: أنه سبحانه يستخرجُ بذلك مِنْ عبده تمامَ عبوديَّته؛ فإنَّ تمام العبوديَّة هو بتكميل مقام الذُّلِّ والانقياد، وأكملُ الخلق عبوديَّةً أكملُهم ذلًّا لله وانقيادًا وطاعة.

والعبدُ ذليلٌ لمولاه الحقِّ بكلِّ وجهٍ من وجوه الذلِّ؛ فهو ذليلٌ لعِزِّه، وذليلٌ لقهره (١)، وذليلٌ لربوبيَّته وتصرُّفه فيه، وذليلٌ لإحسانه إليه وإنعامه عليه؛ فإنَّ من أحسَن إليك فقد استَعْبَدك وصار قلبُك معبَّدًا له، وذليلٌ لغِنَاه (٢)؛ لحاجته إليه (٣) على مدى الأنفاس في جلب كلِّ ما ينفعُه ودفع كلِّ ما يضرُّه.

وبقي نوعان (٤) من أنواع التذلُّل والتعبُّد، لهما أثرٌ عجيب، ويقتضيان من صاحبهما من الطَّاعة والفوز (٥) ما لا يقتضيه غيرُهما:

أحدهما: ذلُّ المحبة، وهذا نوعٌ آخرُ غيرُ ما تقدَّم، وهو خاصَّةُ المحبة ولبُّها، بل روحُها وقِوامُها وحقيقتُها، وهو المرادُ على الحقيقة من العبد لو فَطِن.


(١) (ت): «فهو ذليل العزة وذليل القهرية».
(٢) (ت، د، ق، ح): «تعبد». تحريف.
(٣) (ن): «وذليلا بقدر الحاجة إليه».
(٤) (ت، ح، ن): «وهنا نوعان».
(٥) (ت، ق، د): «والنور».