فَإِنَّكُمَا أَشَبُّ مِنِّي، وأَوْعَى لِلْحَدِيثِ مِنِّي. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ اللَّيْثِيَّ، فقال أَبُو الْعَالِيَةِ: حَدِّثْ هَذَيْنِ حَدِيثَكَ. قَالَ: حَدَّثَني عُقْبَةُ بْنُ مَالِكِ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم سَرِيَّةً، فَأَغَارَتْ عَلَى الْقَوْمِ، فَشَذَّ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ السَّرِيَّةِ ومَعَهُ سَيْفٌ شَاهِرٌ، فَقَالَ الشَّاذُّ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَلَمْ يَنْظُرْ فِيمَا قَالَ، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَنَمَى الْحَدِيثُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قَوْلًا شَدِيدًا، فَبَلَغَ الْقَاتِلَ، فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يَخْطُبُ، إِذْ قَالَ الْقَاتِلُ: وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تَعَوُّذًا مِنَ الْقَتْلِ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَعَمَّنْ يَلِيهِ مِنَ النَّاسِ، فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فَلَمْ يَصْبِرْ أَنْ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم بِوَجْهِهِ، تُعْرَفُ الْمَسَاءَةُ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:«إِنَّ اللهَ أَبَى عَلَيَّ فِيمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ ذَلِكَ.
هذا حديث صحيحٌ.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج ٤ ص ١١٠): حدثنا هاشم، قال: حدثنا سليمان (١)، عن حميد بن هلال، عن بشر بن عاصم، قال: حدثنا عقبة بن مالك الليثي، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب إذ قال القائل: يا رسول الله، والله ما قال الذي قال إلا تعوذًا من القتل. فذكر قصته فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تعرف المساءة في وجهه، ثم قال:«إن الله عز وجل أبى علي من قتل مؤمنًا» قالها ثلاث مرات.