كان خالد بن يزيد بن معاوية يسمى حكيم آل مروان، وكان فاضلاً في نفسه، وله همة ومحبة للعلوم، خطر بباله الصنعة، فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين ممن كان ينزل مدينة مصر، وقد تفصح بالعربية، وأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربي، وهذا أول نقل كان في الإسلام من لغة إلى لغة، ثم نقل الديوان، وكان باللغة الفارسية، إلى العربية، في أيام الحجاج. والذي نقله صالح بن عبد الرحمن مولى بني تميم، وكان أبو صالح من سبي سجستان، وكان يكتب لزاد انفروخ بن بيري، كاتب الحجاج، يخط بين يديه بالفارسية والعربية، فخف على قلب الحجاج، فقال صالح لزاد انفرّوخ: إنك أنت سببي إلى الأمير، وأراه قد استخفني، ولا آمن أن يقدمني عليك، وأن تسقط منزلتك، فقال: لا تظن. ذلك، هو إلي أحوج مني إليه، لأنه لا يجد من يكفيه حسابه غيري، فقال: والله لو شئت أن أحول الحساب إلى العربية لحولته، قال: فحول منه أسطراً حتى أرى، ففعل، فقال له تمارض! فتمارض، فبعث الحجاج إليه تيادروس طبيبه، فلم ير به علة، وبلغ زادانفروخ ذلك فأمره أن يظهر، واتفق أن قتل زادانفروخ في فتنة ابن الأشعث، وهو خارج من موضع كان فيه إلى منزله، فاستكتب الحجاج صالحا مكانه، فأعلمه الذي كان جرى بينه وبين صاحبه في نقل الديوان، فعزم الحجاج على ذلك وقلده صالحا. فقال له مردان شاه بن زادانفروخ: كيف تصنع بدهويه وششويه؟ قال أكتب عشراً ونصف عشر. قال فكيف تصنع بويد؟ قال أكتب: وأيضاً. قال: والوليد النيف والزيادة تزاد. فقال له: قطع الله أصلك من الدنيا كما قطعت أصل الفارسية! وبذلت له الفرس مائة ألف درهم على أن يظهر العجز عن نقل الديوان، فأبى إلا نقله فنقله، فكان عبد الحميد بن يحيى يقول: لله در صالح! ما أعظم منته على الكتاب! وكان الحجاج أجله أجلاً في نقل