وهو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السرى الزجاج أقدم أصحاب المبرد قراءة عليه وكان من يريد أن يقرأ على المبرد يعرض عليه أولا ما يريد أن يقرأه ثم ارتفع الزجاج وصار مع المعتضد يعلم أولاده ومع عبيد الله بن سليمان أولاً وكان سبب اتصاله بالمعتضد أن بعض الندماء وصف للمعتضد كتاب جامع النطق الذي عمله محبرة النديم واسم محبرة محمد بن يحيى بن أبي عباد ويكنى أبا جعفر واسم أبي عباد محابر بن يزيد بن الصباح العسكري وكان حسن الأدب ونادم المعتضد وجعل كتابه جداول فأمر المعتضد القاسم بن عبيد الله أن يطلب من يفسر تلك الجداول فبعث إلى ثعلب وعرضه عليه فلم يتوجه إلى حساب الجداول وقال لست أعرف هذا فان أردتم كتاب العين فموجود ولا رواية له وكتب إلى المبرد أن يفسرها فأجابهم بأنه كتاب طويل يحتاج إلى شغل وتعب وأنه قد أسن وضعف عن ذلك فان دفعتموها إلى صاحبي إبراهيم بن السرى رجوت أن يفي بذلك فتغافل القاسم عن مذاكرة المعتضد بالزجاج حتى ألح عليه المعتضد فأخبره بقول ثعلب والمبرد وأنه أحال على الزجاج بذلك ففعل القاسم فقال الزجاج أنا أعمل ذلك على غير نسخة ولا نظر في جدول فأمره بعمل البتاني فاستعار الزجاج كتب اللغة من ثعلب والسكري وغيرهما لأنه كان ضعيف العلم باللغة ففسد البتاني كله وكتبه بخط الترمذي الصغير أبي الحسن وجلده وحمله الوزير إلى المعتضد فاستحسنه وأمر له بثلاثمائة دينار وتقدم إليه بتفسيره كله ولم يخرج لما عمله الزجاج نسخة إلى أحد إلا إلى خزانة المعتضد قال محمد بن إسحاق ثم ظهر في بقيات السلطان هذا التفسير متقطعاً ورأيناه وهو في طلحى لطيف قال وصار للزجاج بهذا السبب منزلة عظيمة وجعل له رزق في الندماء ورزق في الفقهاء ورزق في العلماء ثلاثمائة دينار وتوفي الزجاج يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى