في الكتب التي كانت قبلهم، والى الروم، ونسخ ما كان سقط إليهم، وتتبع بقايا يسيرة بقيت بالعراق، فجمع منها ما كان متفرقاً، وألف منها ما كان متبايناً، وفعل ذلك من بعده ابنه سابور حتى نسخت تلك الكتب كلها بالفارسية على ما كان هرمس البابلي الذي كان ملكاً على مصر، ودورسوس السرياني وقيدروس اليوناني من مدينة أثينس المذكورة بالعلم، وبطلميوس الإسكندراني، وفرماسب الهندي، فشرحوها وعلموها الناس على مثل ما كانوا أخذوا من جميع تلك الكتب التي كان أصلها من بابل، ثم جمعها وألفها وعمل بها من بعدهما كسرى أنوشروان، لنيته كانت في العلم ومحبته، ولأهل كل زمان ودهر تجارب حادثة، وعلم مجدد لهم على قدر الكواكب والبروج الذي هو ولي تدبير الزمان بأمر الله تعالى جده. انقضى كلام أبي سهل وحكى إسحاق الراهب في تاريخه أن بطولوماوس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية لما ملك فحص عن كتب العلم وولي أمرها رجلاً يعرف بزميره فجمع من ذلك، على ما حكى، أربعة وخمسين ألف كتاب ومائة وعشرين كتاباً، وقال له أيها الملك قد بقي في الدنيا شئ كثير في السند والهند وفارس وجرجان والأرمان وبابل والموصل وعند الروم
[حكاية أخرى]
قال أبو معشر في كتاب اختلاف الزيجات: إن ملوك الفرس بلغ من عنايتهم بصيانة العلوم، وحرصهم على بقائها على وجه الدهر، وإشفاقهم عليها من أحداث الجو وآفات الأرض، أن اختاروا لها من المكاتب أصبرها على الأحداث، وأبقاها على الدهر، وأبعدها من التعفن والدروس، لحاء شجر الخدنك، ولحاؤه يسمى التوز. وبهم اقتدوا أهل الهند والصين ومن يليهم من الأمم في ذلك، واختاروها أيضاً لقسيهم التي يرمون عنها، لصلابتها وملاستها وبقائها على القسي غابر الأيام، فلما حصلوا لمستودع علومهم أجود ما وجدوه في العالم من المكاتب،