واحداً عن واحد لا اختلاف بينهم، إلى أن ظهرت خارجة منهم يعرفون بالديناورية، فطعنوا على إمامهم، وامتنعوا من طاعته؛ وكانت الإمامة لا تتم إلا ببابل، ولا يجوز أن يكون إمام في غيرها، فقالت هذه الطائفة بخلاف هذا القول، ولم يزالوا عليه وعلى غيره من الخلاف الذي لا فائدة في ذكره، إلى أن أفضت الرياسة الكلية إلى مهر، وذلك في ملك الوليد بن عبد الملك، في ولاية خالد بن عبد الله القسري العراق، وانضم إليهم رجل يقال له زادهرمز، فمكث عندهم مدة ثم فارقهم، وكان رجلاً له دنيا عريضة، فتركها وخرج إلى الصديقوت، وزعم أنه يرى أموراً ينكرها، وأراد اللحوق بالديناورية، وهم وراء نهر بلخ، فأتى المدائن وكان بها كاتب للحجاج بن يوسف ذو مال كثير، وقد كانت بينهما صداقة، فشرح له حاله والسبب الذي أخرجه من الجملة، وأنه يريد خراسان لينضم إلى الديناورية، فقال له الكاتب: أنا خراسانك! وأنا أبني لك البيع وأقيم لك ما تحتاج إليه! فأقام عنده، وبنى له البيع، فكتب زادهرمز إلى الديناورية يستدعي منهم رئيساً يقيمه، فكتبوا إليه أنه لا يجوز أن يكون الرياسة إلا في وسط الملك ببابل، فسأل عمن يصلح لذلك، فلم يكن غيره، فنظر في الأمر. فلما انحل، ومعناه: حضرته الوفاة، سألوه أن يجعل لهم رئيساً، فقال: هذا مقلاص، قد عرفتم مكانه، وأنا أرضاه وأثق بتدبيره لكم. فلما مضى زادهرمز أجمعوا على تقديم مقلاص
[فصارت المانوية فرقتين المهرية والمقلاصية]
وخالف مقلاص الجماعة إلى أشياء من الدين منها في الوصالات، حتى قدم أبو هلال الديحوري من إفريقية، وقد انتهت رياسة المانوية إليه، وذلك في أيام أبي جعفر المنصور، فدعا المقالصة إلى ترك ما رسمه لهم مقلاص في الوصالات فأجابوه إلى ذلك، وظهر من المقالصة في ذلك الوقت رجل يعرف ببزرمهر، واستمال جماعة منهم، وأحدث أشياء أخر، ولم يزل أمرهم على ذلك إلى أن