الديوان. فأما الديوان بالشام فكان بالرومية، والذي كان يكتب عليه سرجون ابن منصور لمعاوية بن أبي سفيان، ثم منصور بن سرجون، ونقل الديوان في زمن هشام بن عبد الملك، نقله أبو ثابت سليمان بن سعد مولى حسين، وكان على كتابة الرسائل أيام عبد الملك، وقد قيل إن الديوان نقل في أيام عبد الملك، فإنه أمر سرجون ببعض الأمر فتراخى فيه، فأحفظ عبد الملك، فاستشار سليمان فقال له: أنا أنقل الديوان وأرتجل منه!
[ذكر السبب الذي من أجله كثرت كتب الفلسفة وغيرها]
(من العلوم القديمة في هذه البلاد) أحد الأسباب في ذلك أن المأمون رأى في منامه كأن رجلاً أبيض اللون، مشرباً حمرة، واسع الجبهة، مقرون الحاجب، أجلح الرأس، أشهل العينين، حسن الشمائل، جالس على سريره. قال المأمون: وكأني بين يديه قد ملئت له هيبة، فقلت من أنت؟ قال أنا أرسطاليس! فسررت به وقلت: أيها الحكيم! أسألك؟ قال سل، قلت ما الحسن؟ قال ما حسن في العقل! قلت ثم ماذا؟ قال ما حسن في الشرع! قلت ثم ماذا! قال ما حسن عند الجمهور! قلت ثم ماذا؟ قال ثم لا ثم! وفي رواية أخرى: قلت زدني: قال: من نصحك في الذهب، فليكن عندك كالذهب، وعليك بالتوحيد! فكان هذا المنام من أوكد الأسباب في إخراج الكتب، فإن المأمون كان بينه وبين ملك الروم مراسلات، وقد استظهر عليه المأمون فكتب إلى ملك الروم يسأله الإذن في إنفاذ ما من مختار من العلوم القديمة المخزونة المدخرة ببلد الروم، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج بن مطر، وابن البطريق، وسلما صاحب بيب الحكمة وغيرهم، فاخذوا مما وجدوا ما اختاروا، فلما حملوه إليه أمرهم بنقله فنقل. وقد قيل إن يوحنا بن ماسويه ممن نفذ إلى بلد الروم، قال محمد بن إسحاق: ممن عني بإخراج الكتب من بلد الروم: محمد وأحمد والحسن