وكان السبب فيه أن ماني لما قتله كسرى وصلبه وحرم على أهل مملكته الجدل في الدين، جعل يقتل أصحاب ماني في أي موضع وجدهم، فلم يزالوا يهربون منه إلى أن عبروا نهر بلخ ودخلوا في مملكة خان، فكانوا عنده، وخان بلسانهم لقب يلقبون به ملوك الترك، فلما نزل المنانية بما وراء النهر، إلى أن انتثر أمر الفرس، وقوي أمر العرب، فعادوا إلى هذه البلاد، وسيما في فتنة الفرس وفي أيام ملوك بنى أمية، فان خالد بن عبد الله القسري كان يعنى بهم، إلا أن الرياسة ما كانت تعقد إلا ببابل في هذه الديار، ثم يمضي الرئيس إلى حيث يأمن من البلاد. وآخر ما انجلوا في أيام المقتدر، فإنهم لحقوا بخراسان خوفاً على نفوسهم، ومن تبقى منهم ستر أمره، وتنقل في هذه البلاد. وكان اجتمع منهم بسمرقند نحو خمس مائة رجل، فاشتهر أمرهم، وأراد صاحب خراسان قتلهم، فأرسل إليه ملك الصين، وأحسبه صاحب التغزغز، يقول: أن في بلادي من المسلمين أضعاف من في بلادك من أهل ديني، ويحلف له أن قتل واحداً منهم قتل الجماعة به وأخرب المساجد، وترك الأرصاد على المسلمين في سائر البلاد فقتلهم، فكف عنهم صاحب خراسان، وأخذ منهم الجزية.
وقد قلوا في المواضع الإسلامية، فأما مدينة السلم فكنت أعرف منهم في أيام معز الدولة نحو ثلاثمائة، وأما في وقتنا هذا فليس بالحضرة منهم خمسة أنفس، وهؤلاء القوم يسمون أجاري وهم برستاق سمرقند والصغد وخاصة بنو نكث
[أسماء وذكر رؤساء المنانية في دولة بني العباس وقبل ذلك]
كان الجعد بن درهم الذي ينسب إليه مروان بن محمد، فيقال مروان الجعدي، وكان مؤدباً له ولولده، فأدخله في الزندقة، وقتل الجعد هشام ابن عند الملك في خلافته، بعد أن أطال حبسه في يد خالد بن عبد الله القسري، فيقال أن آل الجعد رفعوا قصة إلى هشام يشكون ضعفهم، وطول حبس الجعد، فقال هشام أهو حي بعد؟! وكتب إلى خالد في قتله، فقتله يوم أضحى