قال محمد بن إسحاق: ظهر ماني في السنة الثانية من ملك الغالوس الرومي وظهر مرقيون قبله بنحو مائة سنة في ملك ططوس أنطونيانوس في السنة الأولى من ملكه، وظهر ابن ديصان بعد مرقيون بنحو ثلاثين سنة، وانما سمى ابن ديصان لأنه ولد على نهر يقال له ديصان، وزعم مانى أنه الفارقليط المبشر به عيسى ﵇، واستخرج ماني مذهبه من المجوسية والنصرانية، وكذلك القلم الذي يكتب به كتب الديانات مستخرج من السرياني والفارسي، وجول ماني البلاد قبل أن يلقى سابور نحو أربعين سنة، ثم أنه دعا فيروز أخا سابور بن أردشير، فأوصله فيروز إلى أخيه سابور. قالت المنانية: فدخل إليه وعلى كتفيه مثل السراجين من نور، فلما رآه أعظمه وكبر في عينه، وكان قد عزم على الفتك به وقتله، فلما لقيه داخلته له هببة، وسر به، وسأله عما جاء فيه، فوعده أنه يعود إليه، وسأله ماني عدة حوائج، منها أن يعز أصحابه في البلد، وسائر بلاد مملكته، وأن ينفذوا حيث شاءوا من البلاد، فأجابه سابور إلى جميع ما سأل، وكان مانى دعا الهند والصين وأهل خراسان، وخلف في كل ناحية صاحبا له
ذكر ما جاء به ماني وقوله في صفة القديم ﵎ وبناء
العالم والحروب التي كانت بين النور والظلمة
قال ماني: مبدأ العالم كونين، أحدهما نور والآخر ظلمة، كل واحد منهما منفصل من الآخر، فالنور هو العظيم الأول، ليس بالعدد، وهو الا له ملك جنان النور، وله خمسة أعضاء: الحلم، والعلم والعقل، والغيب، والفطنة.
وخمسة أخر روحانية وهي: الحب، والإيمان، والوفاء، والمروة، والحكمة.
وزعم أنه بصفاته هذه أزلي، ومعه شيئان اثنان أزليان، أحدهما الجو، والآخر الأرض. قال ماني: وأعضاء الجو خمسة: الحلم، والعلم، والعقل، والغيب، والفطنة. وأعضا الأرض: النسيم؛ والريح، والنور؛ والماء، والنار. والكون