الآخر وهو الظلمة، وأعضاؤها خمسة: الضباب، والحريق، والسموم، والسم، والظلمة. قال ماني: وذلك الكون النير مجاور للكون المظلم، لا حاجز بينهما؛ والنور يلقي الظلمة بصفحته، ولا نهاية للنور من علوه ولا يمنته ولا يسرته، ولا نهاية للظلمة فى السفل ولا في اليمنة واليسرة. قال ماني: ومن تلك الأرض المظلمة كان الشيطان لا أن يكون أزلياً بعينه، ولكن جواهره كانت في عناصره أزلية، فاجتمعت تلك الجواهر من عناصره فتكونت شيطاناً، رأسه كرأس أسد، وبدنه كبدن تنين، وجناحه كجناح طاير، وذنبه كذنب حوت، وأرجله أربع كأرجل الدواب، فلما تكون هذا الشيطان من الظلمة، وتسمى إبليس القديم، أزدرد، وأسترط، وأفسد، ومريمنة ويسرة، ونزل إلى السفل، في كل ذلك يفسد ويهلك من غالبه. ثم رام العلو فرأى لمحات النور فأنكرها، ثم رآها متعالية فارتعد وتداخل بعضه في بعض ولحق بعناصره، ثم أنه رام العلو فعلمت الأرض النيرة بأمر الشيطان وما هم به من القتال والفساد، فلما علمت به علم به عالم الفطنة، ثم عالم العلم، ثم عالم الغيب، ثم عالم العقل، ثم عالم الحلم. قال: ثم علم به ملك جنان النور؛ فاحتال لقهره. قال: وكان جنوده أولئك يقدرون على قهره، ولكنه أراد أن يتولى ذلك بنفسه، فأولد بروح يمنته، وبخمسة عالميه، وبعناصره الاثني عشر، مولوداً، وهو الإنسان القديم، وندبه لقتال الظلمة. قال: فتدرع الإنسان القديم بالأجناس الخمسة. وهي الآلهة الخمسة: النسيم، والريح، والنور، والماء، والنار، وانحذهم سلاحاً، فأول ما لبس النسيم، وارتدى على النسيم العظيم بالنور المسبغ، وتعطف على على النور بالماء ذي الهباء، واكتن بالريح الهابة، ثم أخذ النار بيده كالمجن والسنان، وانحط بسرعة من الجنان إلى أن انتهى إلى الحد مما يلى الحربي؛ وعمد إبليس القديم إلى أجناسه الخمسة، وهي الدخان، والحريق، والظلمة، والسموم، والضباب، فتدرعها وجعلها جنة له، ولقي الإنسان القديم، فاقتتلوا مدة طويلة،