أحدثوه منذ أيام الرشيد إلى هذه الغاية، وأعدوه للنوائب. وأنا أشرح لك، أيدك الله، السبب في ذلك، فقال لهم: إذا رجع المأمون من سفره، فقولوا له: نحن الصابئون! فهذا اسم دين قد ذكره الله جل اسمه في القرآن، فانتحلوه فأنتم تنجون به. وقضى أن المأمون توفي في سفرته تلك بالبذندون، وانتحلوا هذا الاسم منذ ذلك الوقت، لأنه لم يكن بحران ونواحيها قوم يسمون بالصابة، فلما اتصل بهم وفاة المأمون ارتد أكثر من كان تنصر منهم، ورجع إلى الحرنانية، وطولوا شعورهم حسب ما كانوا عليه قبل مرور المأمون بهم، على انهم صابئون، ومنعهم المسلمون من لبس الأقبية، لأنه من لبس أصحاب السلطان، ومن أسلم منهم لم يمكنه الارتداد خوفا من أن يقتل فأقاموا متسترين بالإسلام، فكانوا يتزوجون بنساء حرانيات، ويجعلون الولد الذكر مسلما، والأنثى حرنانية، وهذه كانت سبيل كل أهل ترعوز وسلمسين القريتين المشهورتين العظيمتين بالقرب من حران، إلى منذ نحو عشرين سنة، فان الشيخين المعروفين بأبي زرارة وأبي عروبة علماء شيوخ أهل حران بالفقه، والأمر بالمعروف، وسائر مشايخ أهل حران وفقهائهم، احتسبوا عليهم، ومنعوهم من أن يتزوجوا بنساء حرانيات، أعني صابئات، وقالوا لا يحل للمسلمين نكاحهم، لأنهم ليس من أهل الكتاب. وبحران أيضاً منازل كثيرة إلى هذه الغاية، بعض أهلها حرنانية ممن كان أقام على دينه في أيام المأمون وبعضهم مسلمون، وبعضهم نصارى ممن كان دخل في الإسلام وتنصر في ذلك الوقت إلى هذه الغاية، مثل قوم يقال لهم بنو ابلوط، وبنو قيطران وغيرهم مشهورين بحران
[حكاية في الرأس]
قال الرجل المقدم ذكره: أنه رأس إنسان صورته عطاردية، على ما يعتقدونه في صور الكواكب، يؤخذ ذلك الإنسان إذا وجد على الصورة التي يزعمون أنها عطاردية، بحيلة وغيلة فيفعل به أشياء كثيرة: منها يقعد في الزيت والبورق