للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه ابتدأت تخرفه، وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها، ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث، إلى أن أبى عليها ألف ليلة وهو مع ذلك يطأها، إلى أن رزقت منه ولدا أظهرته، وأوقفته على حيلتها عليه فاستعقلها ومال إليها واستبقاها. وكان للملك قهرمانة يقال لها دينارزاد، فكانت موافقة لها على ذلك، وقد قيل أن هذا الكتاب ألف لحماني ابنة بهمن، وجاءوا فيه بخبر غير هذا. قال محمد بن إسحاق: والصحيح، إن شاء الله، أن أول من سمر بالليل الإسكندر، وكان له قوم يضحكونه ويخرفونه، لا يريد بذلك اللذة، وإنما كان يريد الحفظ والحرس، واستعمل لذلك بعده الملوك كتاب هزارافسان، ويحتوي على ألف ليلة وعلى دون المائتي سمر، لأن السمر ربما حدث به في عدة ليال، وقد رأيته بتمامه دفعات، وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث.

قال محمد بن إسحاق: ابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري صاحب كتاب الوزراء بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم، كل جزء قائم بذاته، لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين، فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه، وكان فاضلاً؛ فاجتمع له من ذلك أربعمائة ليلة وثمانون ليلة، كل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقة، وأقل وأكثر، ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر، ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي، وكان قبل ذلك ممن يعمل الأسمار والخرافات على ألسنة الناس والطير والبهائم، جماعة منهم عبد الله بن المقفع، وسهل بن هارون، وعلي بن داود كاتب زبيدة، وغيرهم. وقد استقصينا أخبار هؤلاء وما صنفوه في مواضعه من الكتاب، فأما كتاب كليلة ودمنه فقد اختلف في أمره، فقيل عملته الهند، وخبر ذلك في صدر الكتاب، وقيل عملته ملوك الإسكانية ونجلته الهند، وقيل عملته الفرس ونحلته الهند. وقال قوم أن الذى عمله بزرجمهر الحكيم أجزاء. والله أعلم بذلك، كتاب سندباذ الحكيم،