سراة يعمل في سياسة دوابه، وتعلم ضرب الطنبور من غلمانه، ثم صار إلى تبريز من عمل اذربيجان، فاشتغل مع محمد بن الرواد الأزدي نحو سنتين، ثم رجع إلى أمه وله ثمان عشرة سنة، فأقام عندها. قال واقد بن عمرو: وكان بجبل البذ وما يليه من جباله رجلان من العلوج متحرّمين ولها جدة وثروة، وكانا متشاجرين في التملك على من بجبال البذ من الحرمية ليتوحد أحدهما بالرئاسة، يقال لأحدهما: جاويدان ابن سهرك، والآخر غلبت عليه الكنية يعرف بأبي عمران، وكانت تقوم بينهما الحرب فى الصيف، ويحول بينهما الثلوج في الشتاء، لانسداد العقاب. فان جاويدان وهو أستاذ بابك، خرج من مدينته بألفي شاة، يريد بها مدينة زنجان، من مدائن ثغور قزوين، فدخلها وباع غنمه وانصرف إلى جبل البذ، فأدركه الثلج والليل برستاق ميمد، فعاج إلى قرية بلال أباذ، فسأل جزيرها إنزاله فمضى به بالاستخفاف منه بجاويدان، فأنزله على أم بابك وما تستبيت من ضنك وعدم، فقامت إلى نار فأججتها ولم تقدر على غيرها، وقام بابك إلى غلمانه ودوابه فخدمهم وأسقى لهم الماء، وبعث به جاويدان فابتاع له طعاماً وشراباً وعلفاً وأتاه به، وخاطبه وناطقه فوجده على رداءة حاله وتعقد لسانه بالأعجمية فهماً، ورآه خبيثاً شهماً، فقال لأمه: أيتها المرأة أنا رجل من جبل البذ، ولي بها حال ويسار، وأنا محتاج إلى ابنك هذا، فادفعيه الى لا مضى به معي، فأوكله بضياعي وأموالي، وأبعث بأجرته إليك، في كل شهر خمسين درهماً، فقالت له إنك لشبيه بالخير، وإن آثار السعة عليك ظاهرة، وقد سكن قلبي إليك، فأنهضه معك إذا نهضت، ثم أن أبا عمران نهض من جبله إلى جاويدان فحاربه فهزم، فقتل جاويدان أبا عمران ورجع إلى جبله وبه طعنة أخافته، فأقام في منزله ثلاثة أيام ثم مات، وكانت امرأة جاويدان تتعشق بابكاً، وكان يفجر بها، فلما مات جاويدان قالت له: إنك جلد شهم! وقد مات! ولم أرفع بذلك صوتي إلى أحد من أصحابه، فتهيأ لغد،