للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليس له من الابتداء أنْ يروي الحديث غير تامٍّ، إذا كان قد تعيّن عليه أداء

تمامه؛ لأنَّه إذا رواه أولاً ناقصاً أخرج باقيه عن حيز الاحتجاج به، ودار بين ألا يرويه أصلاً فيضيعه رأساً، وبين أن يرويه متهماً فيه، فيضيع ثمرته لسقوط الحجة فيه، والعلم عند الله تعالى» (١).

الخامس: إن كان لا يعلم إلا من جهته، فإنْ تعلق به حكم لم يجز أنْ يترك منه شيئاً، وإن لم يتعلق به حكم نظر، فإن كان الناقل فقيهاً جاز له ذلك، وإن كان غير فقيه امتنع، قاله ابن فورك، وأبو الحسن بن القطان (٢).

وبعد هذا العرض ينبثق مذهب ابن الصلاح عن سطوع على بقية المذاهب كونه وضع صفات المختصر وبيّن المحاذير في الاختصار وهذا ما يتبين في الأمثلة التالية.

ومثال ما أخطأ فيه الراوي بسبب اختصاره الحديث ما روى علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كان آخرُ الأمرين من رسول الله تركَ الوضوءِ مما مستِ النارُ.

أخرجه: أبو داود (١٩٢)، والنسائي (٣) ١/ ١٠٨ وفي " الكبرى "، له


(١) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٣٢٥ بتحقيقي.
(٢) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٤١٨.
(٣) اختلف الناس في كتاب " المجتبى " هل هو من تأليف الحافظ النسائي أم من انتخاب ابن السني، فقال الذهبي في "السير" ١٦/ ٢٥٦ (ترجمة ابن السني): «هو الذي اختصر سنن النسائي، واقتصر على رواية المختصر، وسماه المجتبى … »، وقال في " تذكرة الحفاظ"، له: ٩٤٠: «كان ديّناً خيرّاً صدوقاً، اختصر السنن وسماه " المجتبى "، عاش بضعاً وثمانين سنة … ».
أقول: لم يقدم الذهبي ما يدل على ما ادعاه. والصواب أن هذا الكتاب هو من اجتباء النسائي نفسه يدل على ذلك:
أ - توجد ألفاظ وتراجم وأبواب في الصغرى (المجتبى) لا وجود لها في الكبرى.
ب - ما نقله ابن خير الإشبيلي بسنده عن أبي محمد بن يربوع، قال: قال أبو علي الغساني : كتاب الإيمان والصلح ليسا من المصنف إنَّما هما من "المجتبى" =

<<  <  ج: ص:  >  >>