للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تأدية المعنى. وأنا ساردٌ أقوال مجوزي الرواية بالمعنى من أصحاب المذهب الثاني وهي:

١ - التفرقة بَيْنَ الألفاظ الَّتِي لا مجال فِيْهَا للتأويل وبَيْنَ الألفاظ الَّتِي تحتمل التأويل، فجُوِّزت الرِّوَايَة بالمعنى في الأول دُوْنَ الثاني؛ لأنَّ الأول يشمل معنى واحداً فقط فعلى أي وجه نقل سيصل هذا المعنى، بخلاف الثاني الذي يحمل أكثر من معنى فلا يُؤمَن أن ينقل على غير وجهه. حكاه أبو الْحُسَيْن بن القطان (١) عن بَعْض الشافعية، وَعَلَيْهِ جرى إلكِيَا الهرّاسي (٢) مِنْهُمْ (٣).

وهذا قريب ممن فرق بين المحكم وغيره كالمجمل والمشترك، حيث جوزوا الرواية بالمعنى في المحكم دون المجمل والمشترك. ولا يخفى بُعد هذا القول؛ لأننا لا نستطيع أن نكلف جميع الرواة بذلك.

٢ - جواز الرِّوَايَة بالمعنى في الأحاديث الَّتِي تشتمل عَلَى الأوامر والنواهي، فقد نقل الزركشي عن الماوردي والروياني أنَّهما قالا: «هذا جائز بلا خلاف؛ لأنَّ افعل أمرٌ ولا تفعل نهيٌ، فيتخير الراوي … بينهما» (٤)، في حين أبطل كلامهما الإسنوي وردّه (٥)، أما إذا كَانَ اللفظ خفي المعنى محتملاً لعدة معانٍ فَلَا تجوز. ويستوي في هَذَا الحكم الصَّحَابِيُّ وغيره (٦).


(١) هُوَ أبو الْحُسَيْن أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن القطان البغدادي، لَهُ مصنفات في أصول الفقه، توفي سنة (٣٥٩ هـ (. انظر: " فيات الأعيان " ١/ ٧٠، و" سير أعلام النبلاء " ١٦/ ١٥٩، و" شذرات الذهب " ٣/ ٢٨.
(٢) هُوَ أَبُو الحسن عَلِيّ بن مُحَمَّد بن عَلِيّ الفقيه الشَّافِعِيّ المعروف بإلكيا الهرّاسي - بكسر الكاف وفتح المثناة من تَحْتَ مَعَ التخفيف -، ولد سنة (٤٥٠ هـ) وتوفي سنة (٥٠٤ هـ).
انظر: " طبقات الشافعية " للإسنوي ٢/ ٢٨٨، و" مرآة الجنان " ٣/ ١٣٣.
(٣) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٤١٥.
(٤) " البحر المحيط " ٣/ ٤١٥، وانظر: " إرشاد الفحول ": ٢٢٦.
(٥) انظر: " فتح المغيث " ٢/ ٢١٠ ط. العلمية و ٣/ ١٢٣ ط. الخضير.
(٦) " الحاوي الكبير " ٢٠/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>