للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ يحصل بها المقصود دون محذور وقد نقل الأبياري الاتفاق على هذا (١).

وقيد الخطيب الجواز في هذه الحال، بأنْ يكون معنى اللفظ ظاهراً معلوماً؛ بحيث يستطيع الراوي أنْ يأتي بألفاظ تحل مكان التي في الحديث، ولا يزيد عليها ولا ينقص منها، أما إذا كان معنى اللفظ غامضاً محتملاً لم يجز. وقد نسب هذا القول إلى قوم لم يسمهم (٢).

٦ - إذا أورد الرَّاوِي الْحَدِيْث قاصداً الاحتجاج أو الفتوى، جاز لَهُ الرِّوَايَة بالمعنى، وإن أورده بقصد الرِّوَايَة لَمْ يَجُزْ لَهُ إلا أداؤه بلفظه، وإلى ذلك ذهب ابن حزم فقال: «وحكم الخبر عن النَّبيِّ أن يُورَد بنص لفظه، لا يبدل ولا يغير إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون المرء قد تثبت فيه وعرف معناه يقيناً، فَيُسأل فيفتي بمعناه وموجبه، أو يناظر فيحتج بمعناه وموجبه، فيقول: حَكَمَ رسول الله بكذا، وأمر بكذا، وأباح كذا، ونهى عن كذا، وحرّم كذا، والواجب في هذه القضية ما صح عن النَّبيِّ كذا» (٣)، على أنَّ ابن حزم لا يعتبر الاختلاف في الألفاظ من الرواة، وإنَّما ذلك بتكرارها من النبي ولا يعتبره عيباً في الحديث بحيث يوهنه إذا كان المعنى واحداً.

٧ - جواز الرِّوَايَة بالمعنى للصحابة حصراً، ولا تجوز لغيرهم (٤) لكونهم أصحاب بلاغة وفصاحة، ولأنَّهم شاهدوا النَّبيَّ وسمعوا قوله فكانوا يعرفون مقاصده، وكما قيل: ليس من أخبر كمن عاين. فهم شاهدوا الوقائع بخلاف غيرهم من الرواة، وإليه مال القرطبي (٥)، وهو قول أبي بكر بن العربي المالكي حيث قال: «إنَّ هذا الخلاف إنَّما يكون في عصر الصحابة ومنهم، وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى، فإنا لو جوّزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث» (٦).


(١) انظر: " نشر البنود " ٢/ ٦١.
(٢) انظر: " الكفاية ": ١٩٨.
(٣) " الإحكام في أصول الأحكام " ٢/ ٨٦.
(٤) انظر: " نكت الزركشي " ٣/ ٦١٠.
(٥) انظر: " تفسير القرطبي " ١/ ٤١٤.
(٦) " أحكام القرآن " ١/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>