للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محفوظ موقوفاً، ورفعه وهم، توهم فيه هشام. قال البخاري: «ولم يصح، وإنَّما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه، وخالفه يحيى بن صالح، قال: حدثنا يحيى، عن عمر بن حكيم بن ثوبان سمع أبا هريرة قال: «إذا قاء أحدكم فلا يفطر، فإنَّما يخرج ولايولج» (١)، وهذا نظر عميق من البخاري في إعلال الرواية المرفوعة بالرواية الموقوفة، وإنَّ الوهم الذي دخل على هشام إنما كان بسبب رواية عبد الله بن سعيد المتروك، وقد وافق البخاريَّ على هذا الإعلال الإمامُ النسائيُّ فقد قال: «وقفه عطاء»، ثم ذكر الرواية الموقوفة (٢)، وقد خالف الشيخ الألباني ذلك، فصحح الحديث (٣) معتمداً على متابعة حفص بن غياث - وهي عند ابن ماجه (٤)، والحاكم (٥)، والبيهقي (٦) - لعيسى بن يونس قال: «وإنَّما قال البخاري وغيره: بأنَّه غير محفوظ؛ لظنهم أنَّه تفرد به عيسى بن يونس، عن هشام» (٧).

قلت: وهذا بعيد جداً؛ لأنَّه يستبعد عن الأئمة الحفاظ السابقين الذين حفظوا مئات ألوف من الأسانيد، أنهم لم يطلعوا على هذه المتابعة، فأصدروا هذا الحكم، بل إنَّ العلة عندهم هي وهم هشام، لا تفرد عيسى بن يونس كما صرّح به البخاري في تاريخه، وقد تقدم قول عيسى بن يونس في توهيم هشام، ونقله ذلك عن أهل البصرة، وإقرار الدارمي ذلك، ومما يدل على أنَّ المتابعة التي ذكرها الشيخ الألباني معروفة لديهم، أنَّ أبا داود الذي سأل الإمام أحمد بن حَنْبل عن حديث هشام، قد أشار إلى متابعة حفص لعيسى، إذ قال: «ورواه أيضاً حفص بن غياث، عن هشام مثله» (٨).

إذن فإعلال جهابذة المحدثين ومنهم: أحمد والبخاري والدارمي


(١) "التاريخ الكبير " ١/ ٩٥ (٢٥١) ..
(٢) " السنن الكبرى " عقب (٣١٣٠) ط. العلمية.
(٣) في تعليقه على " صحيح ابن خزيمة " ٣/ ٢٢٩.
(٤) في " سننه " (١٦٧٦).
(٥) في " المستدرك " ١/ ٤٢٦.
(٦) في " السنن الكبرى " ٤/ ٤٢٩.
(٧) " إرواء الغليل " ٤/ ٥٢ (٩٢٣).
(٨) " سنن أبي داود " عقب (٢٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>