للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صواباً، بخلاف المتقدمين فإنَّ تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد له ضوابط، من أبرزها التأكد من كونها محفوظة وسالمة من الخطأ والوهم .. (١).

٥ - المتأخرون - وبخاصة (٢) المعاصرين - يُعلون رواية المدلس حتى لو لم

يثبت تدليسه في ذلك الحديث خاصة (٣)، بخلاف المتقدمين فإنَّهم لا يُعلون رواية المدلس إلا إذا ثبت تدليسه، فالتدليس عند المتأخرين هو العنعنة، ومن ثم يحكمون على عنعنة المدلس بالضعف، أما المتقدمون فيفرقون بين العنعنة والتدليس، ولذلك لا يضعفون رواية المدلس بمجرد العنعنة (٤).

٦ - ومما يختلف فيهِ الحال بين منهجي المتقدمين والمتأخرين، ما أحدث مؤخراً من قولهم: «صحيح على شرط الشيخين»، أو «على شرط الشيخين»، أو «على شرط البخاري»، أو «على شرط مسلم»، وهذه البلية أول من أظهرها الحاكم في مستدركه، ثم انتشرت قليلاً بين المتأخرين حتى شاعت عندَ بعض عصريينا. وعند استخدامهم لهذه الطريقة أو المصطلح يشار به إلى أنَّ شرط الشيخين معروف لكل الناس. وهو أمر خلاف الواقع؛ لأنَّ من


(١) انظر: مقال الشيخ تركي الغميز: ٣، وقد أُلف في هذا الباب كتاب " الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات " للشيخ أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد دل فيه على علم جم وفهم غائص. فلينظر.
(٢) وردت في القرآن في سورة الأنفال: ٢٥: «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة». ولكنهم يستخدمونها بمعنى «لا سيما» وتأتي كما في الآية، أو «وخاصة» مع
الواو، أو (وبخاصة) مع الواو والباء. واستخدامها مع الباء هو الأفصح، أما تخريج إعرابها كالتالي:
١. خاصة: تعرب حالاً منصوبة، وما بعدها مفعول به، وفي «خاصة» فاعل مستتر. =
= … ٢. وخاصة مع الواو: تعرب مفعولاً مطلقاً أو نائبه، لفعل محذوف «أخص».
٣. بخاصة مع الباء: تعرب خبراً مقدماً وما بعدها مبتدأ مؤخراً. انظر: " معجم الشوارد النحوية ": ٢٨٤ - ٢٨٥.
(٣) ولا نعني بهذا أننا لا نرد عنعنة المدلس مطلقاً، بل إننا نفرق بين مكثر في التدليس فنعل ما عنعن فيه، وبين مقل في التدليس احتمل الأئمة المتقدمون عنعنته كالسفيانين وهشيم وقتادة فنقبل عنعنة هؤلاء ونظرائهم ما لم يُزد رجل عند جمع الأسانيد أو يكون الحديث منكراً أو نجد في بعض الطرق أخبرت أو نُبئت.
(٤) انظر: مقال الشيخ سليمان العلوان: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>